للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام: (إن خرجت من الدار إلا خروجاً إذني) وهذا كلام غيرمستقيم، فلزم تقدير الباء، فيصير (إلا خروجاً بإذني) وإسقاط الباء في اللفظ مع ثبوتها في التقدير أمر جائز في اللغة، كما روي عن رؤبة بن العجاج أنه قيل له: كيف أصبحت؟ فقال: (خير، عافاك الله) أي بخير. وكذا يحذفون الباء في القسم، فيقولون: (الله) مكان قولهم: (بالله) وإذا كان حذف الباء جائزاً قدرت في الكلام لضرورة تصحيحه، والدليل عليه قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} [الأحزاب:٥٣/ ٣٣] أي إلا بإذن لكم يتكرر بتكرار الدخول في كل مرة.

ورد الحنفية بأن تصحيح الكلام بجعل (إلا) بمعنى (حتى) و (إلى) أولى من تصحيح الكلام بالتقدير الذي قاله الفراء؛ لأن التصحيح بجعل كلمة قائمة مقام أخرى أولى من التصحيح بطريق الإصنمار والتقدير، لأن الأول تغيير بتصرف في الوصف، والإضمار إثبات أصل الكلام، ولا شك أن التصرف في الوصف بالتغيير والتبديل أولى من إثبات أصل الكلام. وأما قوله عز وجل: {إلا أن يؤذن لكم} [الأحزاب:٥٣/ ٣٣] فإنه اقتضى تكرار الإذن في كل مرة لابمقتضى اللفظ، بل بدليل آخر: وهو أن دخول دار الغير بغير إذنه حرام، ولأن الله تعالى قال؛ {إن ذلكم كان يؤذي النبي} [الأحزاب:٥٣/ ٣٣] ومعنى الأذى موجود في كل ساعة، فشرط الإذن في كل مرة (١).

وقال غير الحنفية (٢): الحكم في أنواع الألفاظ الثلاثة السابقة واحد، وهو أنه متى خرجت بغير إذنه، طلقت وانحلت يمينه؛ لأن حرف (إن) لا يقتضي


(١) المراجع السابقة.
(٢) المغني: ٧٩٦/ ٨، الشرح الكبير: ١٤٨/ ٢، ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>