للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما النفوس، والأعضاء، ومنافع الأعضاء، والجراح: فما رتبه الشارع عليها من ديات أو كفارات أو حكومة عدل (تعويض الجروح بحسب تقدير القاضي) فجوابر. وما رتبه الشارع عليها من قصاص أو ضرب أو سجن أو تأديب فزواجر.

مبدأ الستر والشفاعة في الحدود: يستحب الستر مطلقاً على مرتكب المعصية الموجبة للحد قبل الرفع إلى الإمام (١)، لحديث أبي هريرة عند الترمذي والحاكم: «ومن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة» وحديث ابن عباس مرفوعاً عند ابن ماجه: «من ستر عورة أخيه المسلم، ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه كشف الله عورته حتى يفضحه في بيته» وستأتي أدلة أخرى في بحث الشهادة.

وتحرم الشفاعة وقبولها في حدود الله بعد أن تبلغ الحاكم (٢)، أما قبل ذلك فإنه جائز؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فهو مضادٌ الله في أمره» (٣) وقوله صلّى الله عليه وسلم أيضاً: «حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يُمطروا أربعين صباحاً» (٤) وقد أنكر النبي صلّى الله عليه وسلم على من شفع في حد ونهاه عن ذلك، قالت عائشة: «كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلم بقطع يدها، فأتى أهلها أسامة بن زيد، فكلَّموه، فكلَّم النبي صلّى الله عليه وسلم فيها، فقال له


(١) نيل الأوطار: ١٣٦/ ٧.
(٢) غاية المنتهى: ٣١٢/ ٣.
(٣) رواه أحمد وأبو داود عن ابن عمر، وكذا أخرجه أيضاً الحاكم وصححه، وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عمر من وجه آخر صحيح موقوفاً عليه، وأخرج نحوه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال فيه: «فقد ضادَّ الله في ملكه» (نيل الأوطار: ١٠٧/ ٧).
(٤) رواه ابن ماجه والنسائي عن أبي هريرة (المرجع السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>