الإلهية؛ لأن الهداية أنواع: هداية الله وتوفيقه وعونه، وهداية الحواس من السمع والبصر والفؤاد وهداية العقل والفكر، وكل هذه الأنواع مقدمة على الحساب والعقاب والتكليف وتنفيذ النظام أو القانون الإلهي.
أدلة التسامح في العقاب: مما يدل على عدم الحرص الشديد في الشريعة على تطبيق العقاب كما ذكر سابقاً: أن القرآن في مجال تبيان مهام الأنبياء والرسل جعل العقوبة أو القوة آخر ما يلجأ إليه في أساليب الحكم في الإسلام، فقال الله تعالى:{لقد أرسلنا رسلنا بالبيِّنات، وأنزلنا معهم الكتاب والميزانَ، ليقوم الناسُ بالقِسْط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافعُ للناس، وليعلمَ الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قويَّ عزيز}[الحديد:٢٥/ ٥٧] قرن الله سبحانه إنزال الكتب والأمر بالعدل بإنزال الحديد، إشارة إلى أن الكتاب يمثل القوة التشريعية، والعدل يمثل القوة القضائية، وإنزال الحديد، وهو آخر الأسس، يمثل القوة التنفيذية المؤيدة للأحكام التشريعية، سواء بعقوبة المجرمين في داخل الدولة الإسلامية أو بعقوبة المعتدين غير المسلمين خارج حدود الدولة بالجهاد واستخدام السلاح، والاستعداد للقتال، لأن الاستعداد للحرب يمنع الحرب في العرف الشائع، قال الإمام ابن جرير الطبري شيخ المفسرين في تفسيره المشهور عند هذه الآية: يقول الله تعالى في الآية السالفة: لقد أرسلنا رسلنا بالمفصَّلات من البيان والدلائل وهذا هو الأول، وأنزلنا معهم الكتاب بالأحكام والشرائع، وهذا هو الثاني، والميزان بالعدل، وهذا هو الثالث، وأنزلنا الحديد، وهذا هو الرابع، لما فيه من قوة شديدة ومنافع للناس، وذلك ما ينتفعون به عند لقائهم العدو، وغير ذلك من منافعه.
التوبة: كما أن هداية الله سبقت إنذاراته وتهديداته وعقوباته، كذلك بعد ارتكاب الجرم أو الذنب سبقت رحمته غضبه وسخطه، ولم يكن الإسلام في كل تشريعاته حريصاً على إنزال العقوبة الصارمة فوراً بالمخطئين، وإنما ترك لهم فرصة