للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسأذكر حكم بعض المبيعات التي لها صلة بشرط انضباط الوصف .. ومنها:

[السلم في الحيوان]

يجوز السلم في الأليات والشحوم وزناً بلا خلاف، وأما السلم في الحيوان ذاته، فقد اختلف فيه الفقهاء:

فقال الحنفية: لايجوز السلم في الحيوان كيفما كان، لما روي عن ابن عباس «أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن السلف في الحيوان» (١) ولأن الحيوان يختلف اختلافاً متبايناً في تقدير ماليته، فلا يمكن ضبطه، وإن استقصى الواصف صفاته التي يختلف بها الثمن، والاختلاف فيه يفضي إلى المنازعة مثل سائر العدديات المتفاوتة (٢). وعليه فلا يصح السلم في الخرفان كما يفعل بعض الناس، لأنها لاتنضبط.

وقال المالكية والشافعية والحنابلة: يجوز السلم في الحيوان قياساً على جواز القرض فيه، روى مسلم «أنه صلّى الله عليه وسلم اقترض بَكْراً ـ وهو الفتيّ من الإبل» (٣) وروى أبو داود «أنه صلّى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه أن يشتري بعيراً ببعيرين إلى أجل» (٤) وهذا سلم لا قرض لما فيه من الفضل والأجل. وأما


(١) أخرجه الحاكم والدارقطني عن ابن عباس، قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والصحيح أن في إسناده إسحاق بن إبراهيم بن جوتى، وهو واهي الحديث. وقال عنه ابن حبان: «منكر الحديث جداً، يأتي عن الثقات بالموضوعات، لايحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب» (انظر نصب الراية: ٤ص٤٦، التلخيص الحبير: ص٢٤٥).
(٢) المبسوط: ١٢ص١٣١، فتح القدير: ٥ص٣٢٧ ومابعدها، البدائع: ٥ص٢٠٩.
(٣) سيأتي تخريجه في باب القرض.
(٤) رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي من طريقه، وفي إسناده ابن إسحاق، وقد اختلف عليه فيه، ولكن أورده البيهقي في الخلافيات من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وصححه (انظر التلخيص الحبير لابن حجر: ص٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>