للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صلّى الله عليه وسلم أُُخبر بذلك، فقال: قتلوه، قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العِيّ (١) السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويِعْصِر، أو يَعْصِب على جُرْحه، ثم يمسح عليه، ويغسل سائر جسده (٢) وهو يدل على جواز العدول إلى التيمم لخشية الضرر.

ومثل حديث عمرو بن العاص: أنه لما بُعث في غزوة ذات السلاسل (٣)، قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت أن أهْلِك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فقال: ياعمرو، صليت بأصحابك وأنت جنُب؟ فقلت: ذكرت قول الله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم، إن الله كان بكم رحيماً، فتيممت، ثم صليت، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولم يقل شيئاً» (٤) وهو يدل على جواز التيمم لشدة البرد، ولا إعادة عليه، وهو رأي مالك وأبي حنيفة.

الطاعات التي يتيمم لها: يجوز التيمم لكل مايتطهر له من صلاة مفروضة أو نافلة، أو مس مصحف، أو قراءة قرآن، أو سجود تلاوة أو شكر، أو لُبث في مسجد، للأحاديث السابقة، ولأنه يستباح بالتيمم مايستباح بطهارة الماء.

مايتيمم له من الأحداث: ويجوز التيمم للحدث الأصغر، والجنابة، والحيض والنفاس على حد سواء، لما روي أن قوماً جاءوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقالوا: إنا قوم نسكن هذه الرمال، ولانجد الماء شهراً أو شهرين، وفينا الجنب


(١) العي: التحير في الكلام، وقيل: ضد البيان.
(٢) رواه أبو داود والدارقطني وابن ماجه، وصححه ابن السكن (نيل الأوطار:٢٥٧/ ١).
(٣) هي موضع وراء وادي القرى، وكانت هذه الغزوة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة.
(٤) رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وابن حبان والحاكم، وأخرجه البخاري تعليقاً (نيل الأوطار:٢٥٨/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>