للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن هذا المبدأ تتأصل الحرية والكرامة للإنسان. فهي شيء ينبع من ذات الإنسان وتكوينه، لا أنها منحة من المجتمع للإنسان. والحرية تكون مصدر الاعتزاز بالشخصية، والشجاعة الأدبية في إعلاء كلمة الحق، ومجابهة الصعاب وعدم خشية أحد إلا الله قال عليه الصلاة والسلام: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» (١) وحرية الفرد تستتبع حرية الجماعة السياسية والاقتصادية.

غير أن هذه الحرية ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بالمعيار الاشتراكي الذي يقوم على تكافل أفراد المجتمع، سواء في ذلك الحاكم والمحكومون. فالحاكم الذي ترشحه الأمة وتبايعه مقيد بالعمل بنظام الشريعة، وبمشاورة أهل الخبرة والاختصاص (أهل الحل والعقد) قال الله تعالى آمراً نبيه: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران:١٥٩/ ٣] والمحكومون من الرعية مطالبون بالطاعة في المعروف، وبالنصرة، إذ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (٢) وقال الله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} [التوبة:٧١/ ٩] أي، متناصرون، ولهم إبداء الرأي في تصرفات الحاكم كما طالب بذلك أبو بكر في خطبته المعروفة، والدولة الإسلامية مقيدة في علاقتها مع الدول الأخرى بعدم الاعتداء، لقوله تعالى: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} [البقرة:١٩٠/ ٢].

رابعاً ـ القيم الخلقية في النظام الاشتراكي الإسلامي: أشرت سابقاً إلى دور الأخلاق في بناء الفرد والجماعة، وأضيف هنا أن أفضل أنواع الاشتراكية هي التي لا تفرض بالحديد والنار وبالمجازر الدموية


(١) أخرجه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٢) حديث نبوي أخرجه أحمد والحاكم عن عمران بن حصين والحكم بن عمرو الغفاري رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>