للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، ثم إن الملكية في الشيء قبل القبض ضعيفة، وفيها غرر أي احتمال الحصول وعدم الحصول، ويترجح عدم الحصول في حال احتكار المنتجين للسلع وإيقاع البائعين على المكشوف في حرج.

ثالثاً ـ البيع دون تحديد السعر (أو البيع بما ينقطع عليه السعر): اتفقت المذاهب الثمانية على اشتراط معرفة الثمن في عقد البيع حال العقد أو قبله، فلا يجوز البيع بثمن مجهول، ولا بد من بيان جنس الثمن وقدره وصفته (١). وعليه فلا يصح عندهم البيع بما ينقطع عليه السعر أو بسعر السوق في يوم معين أو في فترة محددة.

لكن روي عن الإمام أحمد جواز البيع بما ينقطع عليه السعر في المستقبل بتاريخ معين من غير تقدير الثمن أو تحديده وقت العقد، لتعارف الناس، ولتعاملهم به في كل زمان ومكان. وقد رجح ابن تيمية وابن القيم هذا الرأي، وأرادوا به سعر السوق وقت البيع، لا أي سعر في المستقبل (٢).

وبه يتبين أن جميع المذاهب لا تجيز البيع الحالي في البورصة حيث تباع السلع الحاضرة بثمن السوق في يوم محدد أو في خلال فترة محددة هي فترة التصفية، حتى عند ابن تيمية وابن القيم ورواية عن أحمد الذين يجيزون البيع بما ينقطع عليه السعر، فإنهم أرادوا كما تقدم سعر السوق وقت البيع، لا أي سعر في المستقبل، كمن يشتري شيئاً من خباز أو لحام أو سمّان أو غيرهم، بسعر يومه، ثم يحاسبه في نهاية الشهر ويعطيه ثمنه، وهذا ما يسمى ببيع الاستجرار.


(١) المبسوط: ٤٩/ ١٣، البدائع:١٥٨/ ٥، فتح القدير: ١١٣/ ٥، رد المحتار: ٣٠/ ٤، الشرح الكبير للدردير: ١٥/ ٣، القوانين الفقهية: ص ٢٥٧، مغني المحتاج: ١٧/ ٢، المهذب: ٢٦٦/ ١، المغني: ١٨٧/ ٤، المحلى: ١٩/ ٩، المختصر النافع: ص ١٤٣، منهاج الصالحين: ٢٥/ ٢.
(٢) غاية المنتهى: ١٤/ ٢، ٢٦، نظرية العقد لابن تيمية: ص ٢٢٠، أعلام الموقعين: ٥/ ٤ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>