للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة:١٩٦/ ٢] وهي سنة عند المالكية والحنفية، كما سأبين، وقد اعتمر النبي صلّى الله عليه وسلم أربع عُمَر، كلهن في ذي القعْدة إلا التي مع حَجَّته (١): الأولى من الحديبية سنة ست من الهجرة، والثانية سنة سبع وهي عمرة القضاء، والثالثة سنة ثمان عام الفتح، والرابعة مع حجته سنة عشر، وكان إحرامها في ذي القعدة وأعمالها في ذي الحجة.

قال القاضي حسين من الشافعية: الحج أفضل العبادات لاشتماله على المال والبدن، وقال الحليمي: الحج يجمع معاني العبادات كلها، فمن حج فكأنما صام وصلى واعتكف وزكى ورابط في سبيل الله وغزا، ولأنا دعينا إليه، ونحن في أصلاب الآباء كالإيمان الذي هو أفضل العبادات.

والراجح عند الشافعية والحنابلة أن الصلاة أفضل منه (٢)؛ لأن الصلاة عماد الدين.

وهل الحج أفضل من الجهاد؟ اختلفت الأحاديث المشتملة على بيان فاضل الأعمال من مفضولها، فتارة تجعل الأفضل الجهاد، وتارة الإيمان، وتارة الصلاة، وتارة غير ذلك، من هذه الأحاديث: حديث الشيخين عن أبي هريرة قال: «سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله وبرسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: ثم حج مبرور»،ومنها حديث الجماعة إلا أبا داود عن أبي هريرة أيضاً: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» والمبرور: المقبول، ورجح النووي أنه الذي لا يخالطه شيء من الإثم.


(١) رواه مسلم عن أنس (شرح مسلم: ٢٣٤/ ٨ وما بعدها).
(٢) المرجعان والمكانان السابقان رقم (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>