للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أقيم الحد في الحال التي لا تجوز إقامته، فهلك منه، لم يضمن؛ لأن الحق قتله، وإن أقيم في الحال التي لا تجوز إقامته، فإن كانت حاملاً، فتلف منه الجنين وجب الضمان؛ لأنه مضمون، فلا يسقط ضمانه بجناية غيره، وإن تلف المحدود فإذا أقيم الحد في شدة حر أو برد، فهلك لا ضمان عليه. وقال الجمهور: لا ضمان بهلاك المحدود. وسيأتي مزيد بيان له في بحث التعزير.

وأما الرجم فلا يشترط لإقامته عدم خوف الهلاك؛ لأنه حد مهلك، إلا الحامل، فإنه لا يقام عليها الرجم وقت حملها؛ لأنه يؤدي إلى إهلاك ولدها بدون حق، وهو لا يجوز، فيؤخر رجم الحامل حتى تضع حملها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام رد المرأة الغامدية أو الجهنية حينما

قالت: «فوالله إني لحبلى». فقال: «إما لا، فاذهبي حتى تلدي» ثم قال: «اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه» (١).

حالة المحدود: ذهب الجمهور إلى أن المحدود بالرجم إذا كان رجلاً يقام عليه الحد قائماً، ولا يربط بشيء، ولا يمسك، ولا يحفر له، سواء ثبت الرجم بالبينة أم بالإقرار، كما فعل الرسول عليه السلام بماعز، فلم يحفر له (٢)، ولأن الحفر له لم يرد به الشرع في حق المحدود فوجب ألا يثبت، ولأن المرجوم قد يفر، فيكون فراره


(١) البدائع، مغني المحتاج، الدسوقي، المغني، المراجع السابقة، وقد سبق تخريج حديث الغامدية، وسيأتي قريباً تخريج حديث الجهنية. ويظهر أن الجهنية هي الغامدية لأن «غامداً» بطن من جهينة.
(٢) رواه مسلم وأحمد وأبو داود عن أبي سعيد الخدري، قال: «لما أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن نرجم ماعز بن مالك خرجنا به إلى البقيع، فو الله ما حفرنا له، ولا أوثقناه، ولكن قام لنا، فرميناه بالعظام والخزف (وهي أكسار الأواني المصنوعة من المدر)، فاشتكى فخرج يشتد حتى انتصب لنا في عرض الحرة (وهي أرض ذات حجارة سود) فرميناه بجلاميد (بصخور) الجندل (ما يقله الرجل من الحجارة) حتى سكت» (راجع نصب الراية: ٣٢٥/ ٣، نيل الأوطار: ١٠٩/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>