للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الرأي هو مقتضى القياس عند الحنفية.

ثانياً ـ لا يقيم الحدود إلا الإمام أو من فوض إليه الإمام، باتفاق الفقهاء؛ لأنه لم يقم حد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا بإذنه، ولا في أيام الخلفاء إلا بإذنهم، ولأن الحد حق لله تعالى يفتقر إلى الاجتهاد، ولا يؤمن فيه الحيف، فلم يجز بغير إذن الإمام (١).

ثالثاً ـ يشترط عند الحنفية وجود أهلية أداء الشهادة لدى الشهود عند إقامة الحد، فلو بطلت أهليتهم بالفسق أو الردة أو الجنون أو العمى أو الخرس أو نحوها، سقط الحد (٢) كما سبق بيانه. ولم يشترط الجمهور هذا الشرط.

رابعاً ـ يشترط بالاتفاق: ألا يكون في إقامة حد الجلد خوف الهلاك؛ لأن هذا الحد شرع زاجراً لا مهلكاً، فلا يجوز إقامة حد الجلد في الحر الشديد والبرد الشديد، والمرض والنفاس، والحمل؛ لأن الحد إذا أقيم في هذه الأحوال أدى إلى القتل، ولأنه يخشى هلاك الحامل وهلاك ولدها (٣)

لكن الشافعية والحنابلة أجازوا إقامة الحد في المرض الذي لا يرجى برؤه (٤)، وقالوا في هذه الحالة أو إذا كان نضو الخلق لا يطيق الضرب: يضرب بمئة شمراخ دفعة واحدة، لما روى سهل بن حنيف أنه أمر في رجل مريض أضنى أن يأخذوا مئة شمراخ، فيضربوه بها ضربة واحدة (٥)، ولأنه لا يمكن ضربه بالسوط؛ لأنه يتلف به، ولا يمكن تركه؛ لأنه يؤدي إلى تعطيل الحد. أما الضمان فقال الشافعية:


(١) المهذب: ٢٦٩/ ٢، البدائع: ٥٧/ ٧.
(٢) البدائع: ٥٩/ ٧.
(٣) البدائع، المرجع السابق، المبسوط: ١٠٠/ ٩، المهذب: ٢٧٠/ ٢ وما بعدها.
(٤) مغني المحتاج: ١٥٥/ ٤، المهذب: ٢٧٠/ ٢ وما بعدها، حاشية الدسوقي: ٣٣٠/ ٤، القوانين الفقهية: ص ٣٥٦، ط، فاس، المغني: ١٧١/ ٨، ١٧٣.
(٥) رواه أحمد وابن ماجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>