فصارت مواضيع هذا المبحث ثلاثة: الشعب والإقليم والسيادة.
[الركن الأول ـ الشعب]
أولاً ـ موقع هذا الركن مادياً وأساسيته في مفهوم الدولة الإسلامية:
١٢ ـ الشعب أو الأمة في المفهوم الحديث يقوم على عنصرين: عنصر مادي وهو الاستقرار على بقعة معينة من الأرض، وعنصر معنوي: وهو الرغبة في الحياة المشتركة. ويعتبر أول عناصر الدولة هو العنصر الإنساني وهو الشعب، وتعد ضخامة عدد أفراد الدولة الحديثة من مميزاتها إذا قورنت بدولة (المدينة) السياسية القديمة.
والشعب في مفهوم تكوين الدولة الإسلامية هو شعب دار الإسلام الذي يتألف من المسلمين الذين يؤمنون برسالة الإسلام ديناً وشرعاً وعقيدة ونظاماً سياسياً ومن الذميين، أي غير المسلمين الذين يقيمون إقامة دائمة في دار الإسلام، فمن هؤلاء جميعاً يتكون شعب الدولة الإسلامية أو رعاياها الذين يرتبطون في المفهوم الحديث برابطة سياسية وقانونية هي رابطة الجنسية أو الرعوية.
وتنحصر غاية المسلمين في توحيد الله والدعوة إليه وإلى تطبيق الدستور الإسلامي في الحياة عامة في كل مكان، دون تمييز بين الناس إلا على أساس العقيدة والفضيلة والكفاية والكفاح التي تجمعها كلمة (التقوى).
ولقد كان الهدف من تركيز هجرة المسلمين إلى المدينة وتلاقيهم مع الأنصار هو إيجاد ركيزة الشعب المكون للدولة الإسلامية الأولى، إذ لا يمكن لدولة أن تعيش في فراغ عن السكان، كما أن تنفيذ شريعة الإسلام أيضاً يتطلب وجود المكلفين المؤمنين بها.