للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أـ دليل عقلي: وهو أن مثل هذا الكراء يتضمن الغرر، أي احتمال إضرار المكتري وهو الفلاح؛ لأنه يمكن أن يصاب الزرع بآفة سماوية أو جائحة من نار أو قحط، أو غرق، فتلزمه الأجرة أو الكراء من غير أن ينتفع من ذلك بشيء.

ب ـ دليل نقلي من السنة النبوية: وردت أحاديث صحيحة عن النبي صلّى الله عليه وسلم تنهى عن كراء المزارع. منها: مارواه مالك عن رافع بن خديج: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع. وروي عن رافع بن خديج عن أبيه قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن إجارة الأرضين (١).

وعن جابر قال: «خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: من كانت له أرض فليزرعها، أو ليُحرثها أخاه وإلا فليدعها» (٢).

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من كانت له أرض فليزرعها، أو ليُحرثها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه» (٣) ومعنى «فليُحرثها» أي يجعلها مزرعة لأخيه بلا عوض، وذلك بأن يعيره إياها، بدليل ماروى ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لأن يمنح أحدكم أخاه - أي أرضاً - خير له من أن يأخذ عليها خراجاً معلوماً» (٤). فهذه الأحاديث تدل صراحة على أن كل مالك مكلف بزراعة أرضه بنفسه، فإن لم يستطع زراعتها كلها أو بعضها، منحها أو منح الجزء الزائد عن طاقته لبعض إخوانه بدون مقابل.

وأما الفريق الثاني وهم الجمهور المجيزون لكراء الأرض مبدئيا ً فقد اختلفوا


(١) أخرجه أحمد والبخاري والنسائي.
(٢) أخرجه أحمد ومسلم عن جابر رضي الله عنه.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم.
(٤) أخرجه أحمد والبخاري وابن ماجه وأبو داود (نيل الأوطار ٢٧٩/ ٥). وقوله: «لأن يمنح .. » أي يجعلها منحة له، والمنحة: العارية.

<<  <  ج: ص:  >  >>