اختلافات تتعلق بنوع الأجرة منشؤها ضرورة رعاية بعض قواعد الشريعة الأخرى التي تحرم الربا والغرر. وينحصر اختلافهم في جواز كراء الأرض بجزء مما يخرج منها:
١ ً - مذهب بعض التابعين: ربيعة وسعيد بن المسيب: لايجوز كراء الأرض إلا بالدراهم والدنانير فقط، بدليل ماروى رافع بن خديج عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة، وقال: إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض، ورجل مُنح أرضاً فهو يزرع مامُنح، ورجل اكترى بذهب أو فضة»(١)، قالوا: فهذا تصنيف لمستثمري الأرض، ولايجوز تعدي مافي هذا الحديث.
وأما الأحاديث الأخرى فهي مطلقة الكلام، وهذا الحديث مقيد، فيحمل المطلق على المقيد، أي أنها تفهم وتفسر بحسب مادل عليه هذا الحديث، أو أن النهي المطلق عن المخابرة والمزارعة يحمل على حالة اشتمال العقد على الجهالة والغرر، أو يحمل على اجتنابها ندباً واستحباباً. قال ابن حجر في فتح الباري: إن النهي عن المزارعة محمول عند الجمهور على الوجه المفضي إلى الغرر والجهالة، لا عن كرائها مطلقاً حتى بالذهب والفضة.
٢ - مذهب المالكية على المشهور: يجوز كراء الأرض بكل شيء من النقود والمعادن والحيوان وعروض التجارة ومنافع الأموال ماعدا شيئين: الطعام سواء أكان خارجاً من الأرض أم لم يكن، وماتنبته الأرض سواء أكان طعاماً أم غيره سوى الخشب والحطب والقصب ونحوها من كل ما يطول مكثه في الأرض حتى يعد كأنه أجنبي عنها.
(١) أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح (نيل الأوطار: ٢٧٦/ ٥).