للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال زفر ومحمد والحنابلة (١): ليس للولي إسقاط شفعة الصغير، سواء لمصلحة أو لغير مصلحة، ويظل الصغير على شفعته متى بلغ؛ لأن هذا حق ثابت للصغير، فلا يملك الولي إبطاله، كالتنازل عن ديته، وقَوَده (حقه في القصاص) ولأنه شرع لدفع الضرر، فكان إبطاله إضراراً به.

ويجري هذا الخلاف عند الحنفية في تسليم الوكيل طلب الشفعة عن موكله. عند أبي حنيفة: يصح منه تسليمها في مجلس القاضي؛ لأن الوكيل قائم مقام الموكل في الخصومة ومحلها مجلس القاضي.

وعند أبي يوسف: يصح للوكيل تسليم الشفعة في مجلس القاضي وفي غيره، لكونه نائباً عن الموكل مطلقاً.

وعند محمد وزفر: لا يصح من الوكيل تسليم الشفعة أصلاً.

ب ـ الصلح عن الشفعة: قال الحنفية (٢): إن صالح الشفيع عن حقه في الشفعة بأخذ عوض عنه، سقطت شفعته لتضمن فعله الإعراض عن الشفعة، وعليه رد العوض الذي أخذه، لبطلان الصلح وبيع الحق؛ لأن الشفعة مجرد حق في التملك، وقد شرعت لدفع الضرر عن الشفيع، فلا تصح المعاوضة عن هذا الحق، ويكون الاعتياض عنه رشوة.

والخلاصة: أن الصلح وإن لم يصح، فإسقاط حق الشفعة صحيح؛ لأن صحته لا تتوقف على العوض، بل هو شيء من الحقوق المالية لا تصح المعاوضة عنه، فصار الشفيع كأنه سلَّم الشفعة بلا عوض.


(١) المغني: ٣١٣/ ٥، كشاف القناع: ١٦١/ ٤ وما بعدها.
(٢) البدائع: ٢٠/ ٥، تكملة الفتح: ٤٤٣/ ٧، تبيين الحقائق: ٢٥٧/ ٥، الكتاب مع اللباب: ١١٣/ ٢، الدر المختار: ١٦٩/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>