وإنما المشكلة تتجسد في الإنسان نفسه، فظلم الإنسان في حياته العملية في توزيع الثروة، وعدم استثماره واستغلاله موارد الطبيعة هما السببان المزدوجان للمشكلة التي يعانيها الإنسان منذ القدم، فمتى انمحى الظلم في التوزيع، وجنَّد الإنسان كل طاقاته للاستفادة من الطبيعة المخلوقة المتجددة زالت المشكلة الاقتصادية.
ثامناً ـ أثر الدين والأخلاق والتزام كل مبادئ الإسلام في تكوين مذهبنا الاقتصادي: لا يمكن الحكم على نجاح المذهب الاقتصادي الإسلامي إلا بتطبيق كل أنظمة الإسلام السياسية والاجتماعية والمالية؛ لأن الإسلام كل لا يتجزأ، ووحدة متكاملة مترابطة لا يمكن تجزئة بعضه عن بعض، والاقتصاد الإسلامي يعتمد في الدرجة الأولى على الإطار العام من الدين أو العقيدة، والخلق أو السلوك، والمفهوم الشامل عن الكون والحياة.
العقيدة الإسلامية في قلب المسلم ووجدانه هي الدافع المحرك لاحترام النظام الاقتصادي والإيمان به والإذعان لتعاليمه.
والقيم الخلقية في الإسلام لا تقل أهمية عن النصوص التشريعية الملزمة في توجيه سلوك الفرد بالنسبة لغيره، واحترامه حقوق الآخرين، ورعايته لمصلحة الجماعة، وغيرته على حرمات بلاده والحفاظ عليها بطواعية واختيار ودافع ذاتي ورقابة داخلية للنفس على ذاتها، فالبر والإحسان والرحمة والإخاء العام والتضحية والإيثار والمحبة والتناصر والتعاون على البر والتقوى، كل تلك العواطف التي هي من صميم الدين تؤثر تأثيراً واضحاً في تكييف الحياة الاقتصادية، وتساند المذهب فيما ينشده من غايات، وتسمو بالإنسان دائماً إلى