للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - بيع حاضر لباد (١) من الذين لا يعرفون الأسعار، وقيل: لكل وارد على مكان وإن كان من مدينة، وهذا هو المقصود الحقيقي من نهي الشرع. وهو بيع حرام لا يجوز للنهي عنه، وعلة النهي نبه عليها صلّى الله عليه وسلم بقوله: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» (٢) وذلك رفقاً بأهل البلد، فالشارع لاحظ مصلحة الجماعة وقدمها على مصلحة الواحد، ومنع أيضاً الضرر بأهل السوق في انفراد المتلقي عنهم في الرخص وقطع الموارد عنهم، وصورته: أن يجيء البلد غريب بسلعة يريد بيعها بسعر الوقت في الحال، فيأتيه الحاضر، فيقول: ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر. وللفقهاء تخصيصات لعموم هذا النهي (٣)، فقالت الحنفية: إنه يختص المنع (أي كراهة التحريم) من ذلك بزمن الغلاء وبما يحتاج إليه أهل المصر.

وقال الشافعية والحنابلة: إن الممنوع إنما هو أن يجيء البلد بسلعة من يريد بيعها بسعر الوقت في الحال، فيأتيه الحاضر، فيقول: ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر. قال ابن حجر في الفتح: فجعلوا الحكم منوطاً بالبادي ومن شاركه في معناه، وإنما ذكر البادي في الحديث لكونه الغالب، فألحق به من شاركه في عدم معرفة السعر من الحاضرين.

وجعلت المالكية البداوة قيداً. وعن مالك: لا يلتحق بالبدوي في ذلك إلا من كان يشبهه، فأما أهل القرى الذين يعرفون أثمان السلع والأسواق، فليسوا داخلين في ذلك. وحكم هذا البيع فاسد ويجوز فسخه عند المالكية كالنجش، وصحيح عند الحنفية، وفيه الخيار عند الشافعية والحنابلة.


(١) الحاضر: ساكن الحضر أو المدن، والبادي: ساكن البادية. والحاضر: خلاف البادي.
(٢) روى الجماعة إلا البخاري عن جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» (نيل الأوطار: ١٦٤/ ٥).
(٣) نيل الأوطار: ١٦٤/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>