للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما التقييد بالشرط: فيجوز تقييد الإبراء بشرط صحيح باتفاق المذاهب الأربعة، ولا يصح التقييد بشرط غير صحيح، فإذا أبرأه على أنه بالخيار، صح الإبراء وبطل الشرط، وإذا أبرأه عن كل حق له عليه، شمل حق الخيار، لكن بالنسبة لسقوط الخيار، يصح الإبراء ويبطل الشرط؛ لأن الإبراء دون الهبة في كونه تمليكاً.

وأما إضافة الإبراء إلى المستقبل ولو إلى وقت معلوم غير الموت، فلا يصح؛ لأن الأصل في الإبراء هو التنجيز، ولأن الإبراء فيه معنى التمليك، والتمليك لا يحتمل الإضافة للوقت.

وأما الإبراء بشرط أداء البعض:

آـ فإن صدر مطلقاً عن الشرط: كأن يعترف له بدين في ذمته، فيقول الدائن: قد أبرأتك من نصفه أو ثلثه، فأعطني الباقي، فالإبراء صحيح اتفاقاً؛ لأنه منجز غير معلق ولا مقيد بشرط، والمبرئ متطوع بإسقاط بعض حقه بطيب من نفسه، وقد صح أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لكعب: «ضع الشطر من دَيْنك» (١).

ب ـ وإن كان الإبراء فيه معلقاً على أداء الباقي، لم يجز عند الجمهور، وجاز عند المالكية، كما تبين في حكم التعليق.

جـ ـ وإن كان الإبراء فيه مقيداً بشرط أداء الباقي، مثل أن يقول: من له على آخر ألف: أبرأتك عن خمس مئة، بشرط أن تعطيني ما بقي، جاز عند الحنفية والمالكية والشافعية؛ لأنه استيفاء البعض، وإبراء عن الباقي.

واشترط الشافعية الجمع بين لفظي الإبراء والصلح، ليكون من أنواع الصلح، لكن لا يحتاج لقبول، نظراً للفظ الإبراء.


(١) رواه البخاري ومسلم عن زياد بن أبي حَدْرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>