[المبحث الثالث ـ أثر الإكراه في التصرفات الحسية (أي الفعلية أو الوقائع المادية)]
الذي يقع عليه الإكراه من الفعل أو الترك: إما أن يكون من الأمور الحسية أو من الأمور الشرعية، والمكره به في كل منهما: إما معين أو مخير فيه.
أما التصرفات الحسية المعينة فيتعلق بها حكمان: أحدهما بالنسبة للآخرة، والثاني بالنسبة للدنيا.
أما أحكام الآخرة في التصرفات الحسية المكره عليها، فتختلف بحسب نوع التصرف، وأنواع التصرف الحسي ثلاثة: مباح، ومرخص فيه، وحرام.
١ - التصرف الحسي المباح بالإكراه: هو أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر، وحكمه أنه يختلف بحسب نوع الإكراه: فإن كان الإكراه ملجئاً أو تاماً كالتخويف بالقتل أو قطع العضو ونحوه، فتباح هذه الأفعال؛ لأن الله تعالى أباحها عند الضرورة، فقال سبحانه {إلا ما اضطررتم إليه}[الأنعام:١١٩/ ٦] فلو امتنع المستكره عن تناولها حتى قتل يؤاخذ به؛ لأن امتناعه إلقاء بالنفس إلى التهلكة، والله تعالى يقول:{ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}[البقرة:١٩٥/ ٢].
وإن كان الإكراه ناقصاً كالتهديد بالحبس والضرب اليسير، فلا يباح الإقدام عليها، ولا يرخص فيها أيضاً، حتى إنه يأثم بالإقدام عليها؛ لأنه يجب عليه تقديم حق الله تعالى على حق نفسه (١).
والخلاصة: أن هذه التصرفات لاتباح إلا بالإكراه الملجئ.
(١) البدائع: ١٧٦/ ٧، تبيين الحقائق: ١٨٥/ ٥، الدر المختار: ٩٢/ ٥، تكملة فتح القدير: ١٩٨/ ٧، الكتاب مع اللباب: ١١٠/ ٤.