للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجب التماثل في الوزن، ويحرم وجود الزيادة في أحد العوضين، لحديث الخدري عند الشيخين: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل .. ولا تبيعوا الورِق بالورِق إلا مثلاً بمثل» والذهب والفضة يشمل المسكوك وغير المسكوك.

[علة ربا النسيئة]

إن علة ربا النسيئة وهو ربا الجاهلية: هي أحد وصفي علة ربا الفضل: إما الكيل أو الوزن المتفق، أو الجنس المتحد (١)، ومثاله: أن يشتري إنسان صاعاً من القمح في زمن الشتاء بصاع ونصف يدفعهما في زمن الصيف، فإن (نصف الصاع) الذي زاد في الثمن، لم يقابله شيء من المبيع، وإنما هو في مقابل الأجل فقط، ولذا سمي ربا النسيئة أي التأخير في أحد البدلين، فالزيادة في أحد العوضين في مقابلة (تأخير الدفع) سواء اتحد المقدار أو اختلف. وقد كان أهل الجاهلية إذا داين الرجل منهم أخاه، ثم حل أجل الدين، قال له: (إما أن تقضي أو تُربي)، فإما قضاه، وإما أجله وزاده شيئاً على رأس ماله، وفي هذا إرهاق للمدين، وإضرار به؛ لأن الدين قد يستغرق ماله.

وعلى هذا: إذا وجد القدر المتفق وحده كالحنطة بالشعير، أو الجنس المتحد وحده كتفاحة بتفاحتين، أو شعير بشعير، حرم النَّساء (٢)، ولو كان البدلان


(١) البدائع: ١٨٣/ ٥، فتح القدير: ٢٧٩/ ٥، مختصر الطحاوي: ص ٧٥. والمقصود بالقدر المتفق: أن يكون البدلان من فئة واحدة: إما فئة المكيلات أو فئة الموزونات. وأما الجنس المتحد فمعناه أن يكون جنس البدلين من جنس الآخر كحنطة مقابل حنطة أو ذهب مقابل ذهب مثلاً.
(٢) الحكمة في أنه يجوز بيع مد حنطة بمدي شعير حالاً ولا يجوز نسيئه: هو أن البيع في الحالة الأولى لم يكن القصد منه: هو الاستغلال، وإنما تأمين الحاجة، وفي إلزامهم المساواة بالبيع إضرار بالناس، وأما في الحالة الثانية فالبيع أقرب إلى القرض، فهو مظنة لاستغلال الحاجة عند المحتاج، وتكون الزيادة مقابل الأجل، فيحرم النساء سداً لذريعة «إما أن تقضي وإما أن تربي». أما إذا بيعت الحنطة مثلاً بالدراهم نَساء فذلك جائز لحاجة الناس إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>