للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصية لوارث، نفذت الوصية، فتكون الوصية للوارث موقوفة على إجازة بقية الورثة، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية

لوارث» (١) وقوله أيضاً: «لا تجوز وصية لوارث، إلا أن يشاء الورثة» «لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة» (٢)، ولأن في إيثار بعض الورثة من غير رضا الآخرين ما يؤدي إلى الشقاق والنزاع، وقطع الرحم وإثارة البغضاء والحسد بين الورثة.

ومعنى الأحاديث أن الوصية للوارث لا تنفذ مطلقاً، مهما كان مقدار الموصى به، إلا بإجازة الورثة، فإن أجازوها نفذت، وإلا بطلت، وإن أجازها بعضهم دون بعض، جازت في حصة المجيز، وبطلت في حق من لم يجز، لولاية المجيز على نفسه دون غيره. وهذا شرط لنفاذ الوصية عند الجمهور، فإنهم قرروا أن الوصية صحيحة لكن لا تجوز الوصية لوارث ولا تنفذ إذا لم يجزها الورثة. وقال المالكية: الوصية باطلة لحديث «لا وصية لوارث» فإن أجاز الورثة ما أوصي به للوارث أو الزائد على الثلث، فعطية مبتدأة منهم، لا تنفيذ لوصية الموصي.

ويشترط لصحة الإجازة شرطان:

الأول ـ أن يكون المجيز من أهل التبرع عالماً بالموصى به: بأن يكون بالغاً عاقلاً غير محجور عليه لسفه أو عته أو مرض موت، وأن يكون عالماً بالموصى به، فلا تجوز إجازة صغير ومجنون ومريض مرض موت، ولا تصح إجازة وارث لم يعلم بما أوصى به الموصي. وقال الحنابلة: لو أجاز مريض فمن ثلثه (٣).


(١) رواه الخمسة (أحمد وأصحاب السنن) إلا أبا داود عن عمرو بن خارجة، وصححه الترمذي، ورواه الخمسة إلا النسائي أيضاً عن أبي أمامة (نيل الأوطار: ٣٩/ ٦ - ٤٠).
(٢) رواهما الدارقطني، الأول عن ابن عباس، والثاني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (نيل الأوطار: ٤٠/ ٦).
(٣) القوانين الفقهية: ص ٤٠٦، فتح العلي المالك: ٣٢٢/ ١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>