كذلك إذا كانت الشفة تأتي على الماء كله، بأن كان جدولاً صغيراً، والمواشي الواردة عليه كثيرة، فقال أكثر الفقهاء منهم الحنفية: للمالك حق المنع، لأنه يلحقه ضرر به، كسقي الأرض.
الرابع ـ الماء المحرز في الأواني: مملوك لصاحبه بالإحراز، فلا يحق لغيره الانتفاع به إلا بإذن صاحبه، لا شرباً ولا سقياً ولا غيره.
لكن للمضطر الذي يخاف على نفسه من الهلاك بسبب العطش، ولم يجد سوى هذا الماء المحرز: أن يأخذ هذا الماء من صاحبه، ولو بالقوة، لكن بغير سلاح إذا كان الماء فاضلاً عن حاجة صاحبه، كما تبين في حق الشرب.
[المطلب الثالث ـ حق المجرى]
تعريفه، وأحكامه.
تعريف حق المجرى: هو حق صاحب الأرض البعيدة عن مجرى الماء، في إجراء الماء إلى أرضه لسقيها. وقد يكون المجرى نفسه مملوكاً لصاحب المجرى، أو لصاحب الأرض التي هو فيها وهو الكثير، أو لهما معاً، أو مشتركاً بين كثيرين.
أحكامه: المبدأ العام في الشرع أنه ليس لصاحب الأرض منع جاره من إمرار الماء في أرضه، عملاً بقول عمر المتقدم، لمن منع جاره من إرسال الماء في أرضه:«والله ليمرن به، ولو على بطنك».
وليس لصاحب الأرض أيضاً أن ينقل المجرى من مكانه إلا برضا أصحاب الحق فيه، ولهم الحق في ترميمه، ومنع تسرب الماء منه، وتعميقه، وتقوية جانبيه. كما أن لصاحب الأرض مطالبتهم بإصلاحه، حتى لا يتسرب الماء منه، فيتلف مزروعاته.