للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث الثاني الذي يرويه البخاري وغيره والذي ورد في بعض رواياته عن عبادة بن الصامت قال: «دعانا النبي صلّى الله عليه وسلم، فبايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بَوَاحاً (١) عندكم من الله فيه برهان».

والمبدأ هو وحدة الإمامة أو الخلافة، لحديث: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» (٢).

وبناء عليه تجوز الثورة في حالة واحدة هي إعلان الكفر الصراح. قال الدهلوي: وبالجملة فإذا كفر الخليفة بإنكار ضروري من ضروريات الدين، حل قتله، بل وجب، وإلا لا؛ وذلك لأنه حينئذ فاتت مصلحة نصبه (إقامته حاكماً)، بل يخاف مفسدته على القوم، فصار قتاله من الجهاد في سبيل الله. قال صلّى الله عليه وسلم «: السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة (٣).».

واستنبط بعض الكتاب المحدثين (٤) من الحديثين السابقين مبادئ أربعة بين فيها حدود الطاعة وحالة جواز الثورة على الحكم. وهي:


(١) أي ظاهراً. والمراد به كما استظهر ابن حجر في شرح البخاري هو الكفر الظاهر على حقيقته الذي لايحتمل التأويل. فإن رأى المسلمون منكراً محققاً أنكروه عليهم وقالوا الحق، ولكن الخروج عليهم وقتالهم حينئذ حرام، وإن كانوا فسقة ظالمين منعاً من الفتن وإراقة الدماء. وقد سبق تخريج الحديث (جامع الأصول: ١٦٦/ ١).
(٢) رواه البزار والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة (مجمع الزوائد: ١٩٨/ ٥) ورواه أيضاً مسلم عن أبي سعيد الخدري (شرح مسلم للنووي: ٢٤٢/ ١٢).
(٣) حجة الله البالغة للدهلوي: ١١٢/ ٢، والحديث رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عمر.
(٤) منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد: ص ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>