للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون بينهما، لاختلاط ملك أحدهما بالآخر اختلاطاً لا يمكن التمييز بينهما، فكان الكل مشتركاً بينهما، والقول في مقدار الزيادة قول المشتري، لأنه صاحب يد لوجود التخلية (١). هذا هو مذهب الحنفية في بيع الثمار أو الزروع.

وقال المالكية والشافعية والحنابلة: إن بدا صلاح الثمر جاز بيعه مطلقاً أو بشرط القطع أو بشرط الترك على الشجر.

أما قبل بدو الصلاح فإن كان البيع بشرط الترك أو البقاء فلا يصح إجماعاً؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع» (٢) والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث، وذلك لأن له خطر المعدوم (٣).

وإن كان البيع بشرط القطع في الحال فيصح بالإجماع؛ لأن المنع إنما كان خوفاً من تلف الثمرة وحدوث العاهة فيها، قبل أخذها، بدليل ما روى أنس: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهو، فقلنا لأنس ما زهوها؟ قال: تحمر وتصفر، قال: أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟» (٤) وهذا مأمون فيما يقطع في الحال، فصح بيعه، كما لو بدا صلاحه. قال ابن رشد: بما أن العلة في النهي هو خوف ما يصيب الثمار من الجائحة غالباً قبل أن تزهى، لم يحمل العلماء النهي في هذا على الإطلاق: أعني النهي عن البيع قبل الإزهاء، بل


(١) البدائع، المرجع السابق.
(٢) رواه الشيخان وأبو داود والنسائي والترمذي والموطأ عن ابن عمر (انظر جامع الأصول: ٣٨٩/ ١).
(٣) يلاحظ أن هذا الإجماع المدعى محل نظر، فقد أجاز البيع بشرط الترك يزيد بن أبي حبيب واللخمي من المالكية (بداية المجتهد: ١٤٨/ ٢، المنتقى على الموطأ: ٢١٨/ ٤).
(٤) أخرجه البخاري ومسلم والموطأ والنسائي (انظر جامع الأصول: ٣٩٠/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>