للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء، بدليل أن مجنوناً صال على رجل بسيف، فضربه، فرفع ذلك إلى علي رضي الله عنه، فجعل ديته على عاقلته، بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، وقال: عمده وخطؤه سواء.

وقال الشافعية (١): الأظهر أن عمد الصبي عمد إذا كان مميزاً، وإن لم يكن له تمييز فهو خطأ قطعاً، أي أنه سواء أكان مميزاً أم غير مميز لا قصاص عليه لعدم تكليفه بالحلال والحرام شرعاً، لكن تجب الدية في ماله، ولا تتحملها عنه عاقلته إذا كان مميزاً، وكان القتل عمداً؛ لأن العاقلة (العصبة) لا تتحمل دية القتل العمد أو حالة الصلح أو الاعتراف، كما تقدم. وبما أن فعله يعدّ عمداً إذا كان مميزاً في الراجح عند الشافعية، فلا تتحمل العاقلة دية القتيل الذي جنى عليه، وتكون الدية عليه مغلظة.

ثامناً ـ متى تجب الدية كاملة، وهل يتساوى كل الناس في دية العمد؟ قال الحنفية والمالكية (٢): دية العمد عند العفو عن القصاص غير محدودة، والواجب هو ما يتم التراضي أو الاتفاق عليه بين الجاني وولي الدم، سواء أكان المال قليلاً أم كثيراً، فإن انبهمت أي لم تحدد الدية كانت بحسب المقدار الشرعي (مئة من الإبل أو ما ينوب منابها من الدنانير والدراهم).

وقال الشافعية والحنابلة (٣): دية العمد بحسب المقدار المحدد شرعاً: مئة بعير، لقوله صلّى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم في الديات: «في النفس مائة من الإبل».


(١) مغني المحتاج: ١٠/ ٤، ١٥، المهذب: ١٧٣/ ٢، ١٧٤، ١٩٦.
(٢) رد المحتار على الدر المختار: ٣٨٢/ ٥، بداية المجتهد: ٤٠٢/ ٢، القوانين الفقهية: ص٣٤٧.
(٣) مغني المحتاج: ٥٣/ ٤، كشاف القناع: ٣/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>