للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهي عن أمر آخر كوصف من أوصاف العقد، فيوجب فساد العقد فقط (١)، لأن المعاملات ينظر فيها إلى جانب مصالح العباد، فإذا كانت مخالفة العمل راجعة إلى حقيقته كبيع المعدوم، لم تتحقق به مصلحة أصلاً، فكان باطلاً.

وأما إذا تحققت بالعمل مصلحة على وجه ما، ترتب أثر العمل عليه، ويتدارك النقص بإزالة سببه، وهذا يتحقق فيما لو كانت مخالفة العمل راجعة إلى وصفه مع سلامة حقيقته، بوجود ركنه وطرفيه ومحله، فيسمى فاسداً.

أما العبادات فإن البطلان والفساد فيها مترادفان، فمخالفة أمر الشارع فيها يجعلها موصوفة بالفساد والبطلان، سواء أكان الخلل في ناحية جوهرية أم في ناحية فرعية متممة؛ لأن العبادة ينظر فيها إلى تحقيق الامتثال والطاعة التامة، ولا يحصل ذلك إلا بزوال كل مخالفة فيها.

وعلى هذا الأساس نعرف أن أنواع البيوع عند الحنفية بحسب وصف الشارع لها ثلاثة: صحيح، وباطل، وفاسد.

البيع الصحيح: هو ما كان مشروعاً بأصله ووصفه (٢) ولم يتعلق به حق الغير، ولا خيار فيه، وحكمه: أنه يثبت أثره في الحال. وأثر البيع الصحيح هو


(١) انظر الأموال ونظرية العقد للدكتور محمد يوسف موسى: ص ٤٣٦ ومابعدها. والذي يترجح أن أثر النهي المتوجه إلى الوصف كأثر النهي المتوجه إلى ما تتوقف عليه حقيقة الشيء، سواء في اعتبار الشرع، وأن البيع الفاسد والباطل سيان لا يترتب عليه حكم من الأحكام (راجع أصول البيوع الممنوعة للأستاذ عبد السميع إمام، وهي رسالة دكتوراه من الأزهر: ص ١٤٧).
(٢) أصل العقد أي ركنه ومحله، والركن: الإيجاب والقبول، والمحل: محل العقد: ومعنى كون الركن مشروعاً: ألا يعرض له خلل كأن يصدر الإيجاب والقبول من مجنون أو صبي لا يعقل. ومعنى كون المحل مشروعاً: أن يكون مالاً متقوماً. وأما وصف العقد: فهو ما كان خارجاً عن الركن والمحل كالشرط المخالف لمقتضى العقد، أو كون المبيع غير مقدور التسليم، وكالثمنية فإنها صفة تابعة للعقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>