وعند المالكية: يراد بها سقوط الطلب بقيمة العين إذا فوتها المبرأ، وسقوط الطلب برفع اليد عنها إن كانت قائمة.
وهناك أثر آخر عند الحنفية للإبراء عن العين نفسها إذا كانت مضمونة كالدار المغصوبة: وهو سقوط ضمانها، سواء أكانت قائمة أم هالكة، فتصير العين بعد الإبراء عنها أمانة كالوديعة في يد الغاصب. فإذا كانت العين قائمة كان الإبراء عنها إبراء عن ضمانها لو هلكت، فتصبح كالأمانة لا تضمن إلا بالتعدي عليها. وإذا كانت العين هالكة، كان الإبراء عنها إبراء عن قيمتها.
وأما الإبراء عن أعيان هي أمانة فلا محل له، ولا وجه للإبراء عنها، إذ لم تلحقه عهدتها، فلا يجوز للقاضي أن يسمع دعواه بها بعد البراءة، فتصح البراءة قضاء، لكن لا تعتبر ديانة بمعنى أنه إذا ظفر بها صاحبها أخذها.
وأما الإبراء عن الديون الثابتة في الذمم: فهو صحيح بالاتفاق؛ لأن مدار الإبراء هو إسقاط ما في الذمم.
وأما الإبراء عن الحقوق:
آـ فإن كان عن الحقوق الخالصة للعبد كالكفالة والحوالة فهو صحيح اتفاقاً.
ب ـ وإن كان عن الحقوق الخالصة لله عز وجل كحد الزنا، وحد القذف وحد السرقة بعد الرفع للحاكم عند الحنفية والمالكية، فلايصح الإبراء عنها.
جـ ـ وإن كان عن الحقوق التي يغلب فيها حق العبد كالتعزير والقصاص والدية وحق القسم بين الزوجات وحق الانتفاع وحق الفسخ بخيار العيب وغرامة تلف المال، ونحوها من الحقوق الشخصية التي تثبت في الذمم، فيصح الإبراء عنه. ويجوز الإبراء عن دين المدين بعد وفاته بالاتفاق، وهل يرتد بالرد من الوارث؟ فيه خلاف عند الحنفية.