للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر، ومن غير قضاء القاضي، بخلاف الفسخ قبل القبض؛ لأن الصفقة ليست تامة حينئذ، بل تمامها بالقبض، فكان بمنزلة القبض.

وعند الشافعي: ينفسخ العقد بقوله: «رددت» بغير حاجة إلى قضاء، ولا إلى رضا البائع؛ لأن الفسخ لا تفتقر صحته إلى القضاء، ولا إلى الرضا كالفسخ بخيار الشرط بالاتفاق، وبخيار الرؤية على أصل الحنفية (١).

هل الفسخ بعد العلم بالعيب على الفور أو على التراخي؟ قال الحنفية والحنابلة: خيار الرد بالعيب على التراخي، ولا يشترط أن يكون رد المبيع بعد العلم بالعيب على الفور، فمتى علم العيب فأخر الرد، لم يبطل خياره حتى يوجد منه ما يدل على الرضا، وإذا أعلن المشتري البائع بالعيب وخاصمه في رد المبيع، ثم ترك مخاصمته بعدئذ، ورجع إليها وطلب الرد، فإن له أن يرد ما لم يمتنع الرد لمانع، لأنه خيار لدفع ضرر متحقق، فكان على التراخي كالقصاص، ولا نسلم دلالة الإمساك على الرضا به (٢).

وقال الشافعية: يشترط أن يكون رد المبيع بعد العلم بالعيب على الفور، فلو علم ثم أخر رده بلا عذر؛ سقط حقه في الرد، والمراد بالفور: ما لا يعد تراخياً في العادة، فلو اشتغل بصلاة دخل وقتها، أو بأكل أو نحوه، فلا يكون تراخياً في العادة، فلا يمنع الرد، وكذا لو علم بالعيب، ثم تراخى لعذر كمرض أو خوف لص أو حيوان مفترس أو نحوه، فإن حقه لا يسقط، وإنما يكون له حق الرد بعد العلم بالعيب إذا لم يفعل ما يدل على الرضا، كاستعمال الحيوان ولبس الثوب أو نحوه.


(١) البدائع: ٢٨١/ ٥، مغني المحتاج: ٥٧/ ٢، المهذب: ٢٨٤/ ١.
(٢) رد المحتار: ٩٣/ ٤، المغني: ١٤٤/ ٤، غاية المنتهى: ٤١/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>