الثاني ـ صلة الرحم: فلا يصح الرجوع في هبة ذوي الأرحام المحارم؛ لأن هذه الصلة عوض معنوي؛ لأن التواصل سبب التناصر والتعاون في الدنيا، فيكون وسيلة إلى استيفاء النصرة، وسبب الثواب في الدار الآخرة، فكان ذلك أقوى من المال.
الثالث ـ صلة الزوجية: فلا يصح الرجوع في هبة الزوجين؛ لأن هذه الصلة تجري مجرى صلة القرابة الكاملة، بدليل أنه يتعلق بها التوارث في جميع الأحوال.
ثالثاً ـ الزيادة المتصلة في الموهوب بفعل الموهوب له أو بفعل غيره: هذه الزيادة تمنع الرجوع، سواء أكانت متولدة أم غير متولدة، كأن يكون الموهوب داراً، فبنى الموهوب له فيها بناء، أو كان أرضاً فغرس فيها أشجاراً، أو أقام مضخة ماء وثبّتها في الأرض وبنى عليها، أو كان الموهوب ثوباً فصبغه بصباغ زادت به قيمته، أو قطعه قميصاً وخاطه، أو طرأ سمن وجمال، فلا يصح الرجوع؛ لأن الموهوب اختلط بغيره، والرجوع لا يمكن في غير الموهوب، لأنه ليس بموهوب، وبما أنه لا يمكن الرجوع في الأصل بدون الزيادة، فامتنع الرجوع أصلاً.
وأما الزيادة المنفصلة: فلا تمنع من الرجوع، سواء أكانت متولدة من الأصل كالولد واللبن والثمر، أم غير متولدة كالأرش (١) والكسب والغلة؛ لأن هذه الزوائد لم يرد عليها العقد، فلا يرد عليها الفسخ، وإنما ورد على الأصل، ويمكن فسخ العقد في الأصل دون الزيادة، بخلاف المتصلة، وبخلاف زوائد المبيع، فإنها تمنع الرد بالعيب، حتى لا يحصل هناك ربا؛ لأنه يترتب على فسخ البيع وردِّ
(١) الأرش: هو العوض المالي الذي يقدر ويجب على الجاني في غير النفس أو الأعضاء، وذلك في كل جناية بحسبها كما في الكسر أو الرض.