للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عصر التابعين والمالكية والحنابلة ومتأخري الزيدية بجواز تسعير السلع، حينما استبد الجشع والطمع ببعض الناس، وتغالوا في قيم البضائع (١)، وذلك عملاً بالمصلحة المرسلة مما أوجب القول بتدخل الحاكم لرد التجار إلى مبدأ السعر العادل (أو قيمة المثل) الذي لا يشتمل على غبن فاحش (٢). وعلى هذا فإن أسعار البضائع المصنوعة الآن يدخل العمل أساساً في تقدير أثمانها، ويراعى في ذلك المصلحة العامة، والعدالة في التقييم.

[المبحث الرابع ـ كراء الأرض في الإسلام]

قبل أن أذكر اختلاف العلماء الكثير في موضوع كراء الأرض، أبيّن اتجاهات الإسلام وغاياته العامة وروحه التشريعية ومبادئ اشتراكية الإسلام التي أشرت إليها.

إن الإسلام بلا شك يرغب ترغيباً أكيداً في استثمار خيرات الطبيعة واستخراج كنوزها، ويكره تعطيل المال وإضاعته، كما يكره بطالة العامل، ومن هنا كره بعض العلماء تعطيل الأرض عن الزراعة، لأن فيه تضييع المال.

ويحرص الإسلام أيضاً على تعميم الرفاه والرخاء على الناس وقصد النفع العام، وتوزيع الملكيات، وعدم اتساع الملكيات الزراعية بالذات خشية العجز عن


(١) وقال جمهور الفقهاء بحرمة التسعير إلا إذا حصل تعدٍ فاحش في قيمة السلع استناداً إلى قول النبي صلّى الله عليه وسلم فيما أخرجه الخمسة إلا النسائي عن أنس: «إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعِّر» ولأن الثمن حق البائع، فكان إليه تقديره، فلا ينبغي للإمام أن يتعرض لحقه. وهذا صحيح في عصر النبي حيث كان يسود الورع.
(٢) قال ابن القيم: يجوز التسعير في الأعمال، فإذا احتاج الناس إلى أرباب الصناعات كالفلاحين وغيرهم، أجبروا على ذلك بأجرة المثل. وهذا من التسعير الواجب، فهذا تسعير في الأعمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>