إنساناً أو حيواناً، فالضمان عليه دون الحافر، أما إن تردى فيه بهيمة أو غيرها بنفسها، فالحافر هو الضامن.
وإن كان السبب يؤثر بانفراده، فإن المتسبب والمباشر يشتركان في الضمان، كما لو نخس رجل دابة آخر بإذنه، فوطئت إنساناً، فالضمان عليهما؛ لأن السبب هنا يؤثر بانفراده، كما أوضحت سابقاً في الجنايات.
هذا ... ولا يشترط في الضامن التمييز أو كونه بالغاً عاقلاً عند الفقهاء، فإن الصبي والمجنون يضمنان ما يتلفانه من أموال، كما بان سابقاً في تعريف الإتلاف.
ولا تكون حالة الضرورة سبباً للإعفاء من الضمان، فمن اضطرحال الجوع مثلاً لتناول مال الغير، فإنه يلزمه ضمانه بالرغم من إباحة التناول حفاظاً على النفس من الهلاك؛ لأن القاعدة تقول:«الاضطرار لا يبطل حق الغير».
ولا يصلح الجهل بكون المال المتلف مال الغير سبباً أيضاً للتخلص من الضمان.
فالعلم بكون المتلف مال الغير، ليس بشرط لوجوب الضمان، فمن أتلف مالاً ظاناً أنه ملكه، ثم تبين أنه مملوك لغيره، ضمنه؛ لأن الإتلاف واقعة مادية لا يتوقف وجودها على العلم بكون التلف مال الغير. كل ما في الأمر أن الإتلاف إذا تم مع العلم، فيوجب الضمان والإثم الأخروي، وإذا حدث جهلاً فيوجب الضمان فقط، ويرتفع الإثم؛ لأن الخطأ مرفوع المؤاخذة شرعاً، لقوله صلّى الله عليه وسلم:«إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه»(١).
(١) حديث حسن رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.