للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئاً فشيئاً على ممر الزمان، فتملك الأجرة شيئاً فشيئاً بحسب ما يقابلها (١).

وبما أن هذه القاعدة توجب تسليم الأجرة ساعة فساعة، وهو أمر متعذر، فتقدر الأجرة باليوم أو بالمرحلة استحساناً.

وأما بالنسبة لتأجيل الأجرة وتعجيلها عند الشافعية والحنابلة: فقد قرروا أنه إذا كانت الإجارة إجارة ذمة فيشترط فيها تسليم الأجرة في مجلس العقد؛ لأنها بمثابة رأس المال في عقد السلم كأن يقول المستأجر: أسلمت إليك عشر ليرات في جمل صفته كذا يحمل لي متاعي إلى جهة كذا، أو يقول: استأجرت منك بكذا .. إلخ، لأن تأخير الأجرة حينئذ من باب بيع الدين بالدين.

وإن كانت الإجارة إجارة عين: فإن كانت الأجرة فيها معينة مثل: استأجرتك لتخدمني سنة بهذا الجمل، فإنه لا يصح تأجيلها، وإن كانت الأجرة في الذمة كأن يقول: بجمل صفته كذا، فيجوز تأجيلها وتعجيلها وفي حالة الإطلاق يجب تعجيلها، كما في عقد البيع يصح بثمن حالّ أو مؤجل (٢).

٢ - ويترتب أيضاً على الخلاف السابق في كيفية وجوب الأجرة أنه يجب على المؤجر عند الحنفية والمالكية تسليم العين المستأجرة عقب العقد لتملك المستأجر منفعة العين المستأجرة، وليس له أن يحبسها عن المستأجر لاستيفاء الأجرة؛ لأن الأجرة لا تجب بمجرد العقد عندهم، فلا يستحق المطالبة بها إلا يوماً فيوماً؛ لأن المعقود عليه وهو المنافع لم يستوفها المستأجر، فكانت معدومة، فلا يجب عليه الأجر، وذلك بعكس البيع، فإن الثمن واجب الدفع عقيب العقد.


(١) راجع البدائع: ٤ ص ٢٠١ وما بعدها، تكملة فتح القدير: ٧ ص ١٥٢ وما بعدها، المبسوط: ١٥ص ١٠٨، تبيين الحقائق للزيلعي: ٥ ص ١٠٩، القوانين الفقهية: ص ٢٧٥، بداية المجتهد: ٢٢٦/ ٢.
(٢) مغني المحتاج: ٢ ص ٣٣٤، المهذب: ١ ص ٣٩٩، المغني: ٥ ص ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>