فإن قال الحالف في زمرة الأفعال التي ترجع الحقوق فيها إلى الآمر كالنكاح والطلاق:(نويت أن أباشر ذلك بنفسي) يصدق ديانة فيما بينه وبين الله تعالى، لا قضاء، لأنه نوى ما يحتمله كلامه إلا أنه خلاف الظاهر.
ولو قال الحالف فيما لا حقوق له كالضرب والذبح:(عنيت أن أباشر ذلك بنفسي) يصدق ديانة وقضاء؛ لأنه نوى حقيقة كلامه؛ لأن الضرب والذبح من الأفعال الحقيقية لا الحكمية أو الاعتبارية، فكانت العبرة فيه لمباشرة الفعل (١).
[المطلب الحادي عشر ـ الحلف على تصرفات شرعية]
الكلام في المطالب السابقة كان محصوراً في الحلف على الأمور العادية التي يمارسها الإنسان عادة بحكم تقلب شؤونه في هذه الحياة. وهذا المطلب مخصص للبحث عن أحوال اليمين التي يحلفها الحالف على الأمور الشرعية، باعتبار أن الشارع له حكم فيها من ناحية الصحة والفساد، مثل البيع والشراء والهبة والعارية والصدقة والقرض والتزويج والصلاة والصوم ونحوها.
الحلف على عدم شراء الذهب والفضة: إذا حلف شخص (لايشتري ذهباً ولا فضة) فاشترى عملة نقدية فضية كالدراهم في الماضي، أو ذهبية كالدنانير، أو آنية أو سبيكة أو حلياً مصوغاً أو غيرها مما هو ذهب أو فضة: فإنه يحنث عند أبي يوسف. وقال محمد: لا يحنث في الدراهم والدنانير.
وسبب الخلاف هو أن أبا يوسف يعتبر الحقيقة اللغوية في هذه الأمور. ومحمد: يعتبر العرف السائد عند الناس.