ومذهب مالك والشافعي وأبي يوسف: أن زوجة الفارّ لا تعتد بأطول الأجلين من عدة الوفاة أو ثلاثة قروء، وإنما تكمل عدة الطلاق؛ لأن زوجها مات وليست زوجة له؛ لأنها بائن من النكاح، فلا تكون منكوحة. واعتبار الزواج قائماً وقت الوفاة في رأي مالك إنما هو في حق الإرث فقط، لا في حق العدة؛ لأن ما ثبت على خلاف الأصل لا يتوسع فيه. وهذا عندي هو الراجح.
ويتصور اعتداد المرأة بأبعد الأجلين لدى الشافعية فيما لو طلق الرجل إحدى امرأتيه طلاقاً بائناً، ومات قبل بيان أو تعيين المطلَّقة، فإن كل واحدة تعتد بالأكثر من عدة وفاة وثلاثة من أقرائها؛ لأن كل واحدة وجب عليها عدة بالطلاق، واشتبهت عليها بعدة أخرى بالوفاة، فوجب أن تأتي بأبعد الأجلين لتخرج عما عليها بيقين، كمن أشكلت عليه صلاة من صلاتين، يلزمه أن يأتي بهما.
وتعتد المرأة بأقصى الأجلين عند المالكية كما بان في حالة الانتقال إلى عدة وفاة، كأن يموت زوج الرجعية في عدتها.
المبحث الرابع ـ وقت ابتداء العدة وما يعرف به انقضاؤها:
ابتداء العدة: فصَّل الحنفية مبدأ العدة على النحو التالي (١):
١ ـ إن كان الزواج صحيحاً: فمبدأ العدة بعد الطلاق أو الفسخ أو الموت، فابتداء العدة في الطلاق ونحوه عقيب الطلاق، وفي الوفاة عقيب الوفاة بالاتفاق بين الفقهاء، وتنقضي العدة وإن جهلت المرأة بالطلاق أو الوفاة؛ لأنها أجل، فلا
(١) الدر المختار ورد المحتار: ٨٣٩/ ٢ - ٨٤٢، البدائع: ١٩٠/ ٣، فتح القدير: ٢٨٦/ ٣، الكتاب وشرحه اللباب: ٨٤/ ٣، مغني المحتاج: ٣٩٠/ ٣، ٣٩٥، القوانين الفقهية: ص ٢٣٥، ٢٣٨، غاية المنتهى: ٢١٠/ ٣ وما بعدها.