للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا بعدئذ على رأيين فيما إذا نكل المدعى عليه عن اليمين، هل يقضى للمدعي بنكول صاحبه عن اليمين، أم ترد اليمين إلى المدعي، فيقضى له بيمينه وشاهد واحد يقدمه للشهادة؟ قال الحنفية والحنابلة: يقضى بالنكول في الأموال، وقال الجمهور: لا يقضى بالنكول، وترد اليمين على المدعي.

[الرأي الأول ـ للحنفية والحنابلة في المشهور عندهم]

قال الحنفية والحنابلة (١): إذا نكل المدعى عليه عن اليمين، فإنه يقضى عليه بالمال، لكن ينبغي للقاضي أن يقول له: (إني أعرض عليك اليمين ثلاث مرات، فإن حلفت وإلا قضيت عليك) لاحتمال خشية القضاة ومهابة المجلس في المرة الأولى. ولا يقضى عند الحنفية بالشاهد واليمين ويقضى بها عند الحنابلة.

ودليلهم على القضاء بالنكول: أن القاضي شريح قضى على رجل بالنكول، فقال المدعى عليه: أنا أحلف، فقال شريح: مضى قضائي. وكانت لا تخفى قضاياه على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولم ينقل أنه أنكر عليه منكر، فيكون إجماعاً منهم على جواز القضاء بالنكول. وقضى عثمان على ابن عمر بالنكول. ورد عليه عبداً معيباً اشتراه منهم حينما نكل، ولأنه ظهر صدق المدعي في دعواه عند نكول المدعى عليه، فيقضى له، كما لو أقام البينة.

واستدلوا على عدم مشروعية رد اليمين إلى المدعي بالحديث السابق: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» جعل جنس اليمين على المنكر، فتشمل كل مدعى عليه.


(١) البدائع: ٢٢٥/ ٦، ٢٣٠، تكملة فتح القدير: ١٥٥/ ٦، الطرق الحكمية: ص ١١٦، المغني: ٢٣٥/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>