وقال محمد: إذا خرج الحالف من ساعته، وخلف متاعه كله في المسكن، ومكث في طلب المنزل أياماً ثلاثة، فلم يجد مايستأجره وكان يمكنه أن يخرج من المنزل ويضع متاعه خارج الدار: لايحنث؛ لأن هذا من عمل النقلة عادة، لأن المعتاد أن ينتقل من منزل إلى منزل لا أن يلقي متاعه على الطريق.
وقال محمد أيضاً: وإن كان الساكن موسراً وله متاع كثير، وهو يقدر على أن يستأجر من ينقل متاعه في يوم، فلم يفعل، وجعل ينقل بنفسه الأول فالأول، ومكث في النقلة سنة وهو لايترك الاشتغال بالنقل: فإنه لايحنث، لأنه لا يلزمه الانتقال بأسرع الوجوه.
وإن حلف لا يسكن هذه الدار وهو ساكن فيها، فتحول ببدنه فقط، وقال: ذلك عنيت بيميني: يصدق ديانة فيما بينه وبين الله تعالى ولايصدق قضاء، لأنه نوى خلاف الظاهر والعادة.
وإن كان حلف وهو غير ساكن فيها وقال: نويت الانتقال ببدني فقط يصدق ديانة وقضاء، لأنه نوى مايحتمله كلامه، ولأنه شدد على نفسه (١).
هل الدوام على السكنى له حكم الابتداء؟ قال الحنفية: دوام السكنى واللبس والركوب له حكم الابتداء، حتى لو حلف لايلبس هذا الثوب وهو لابسه أو لايركب هذه الدابة وهو راكبها، أو لايسكن هذه الدار وهو ساكنها، واستمر على ماكان عليه: حنث؛ لأن هذه الأفعال تتجدد بحدوث أمثالها. وذلك بعكس الدخول والخروج والتزوج والتطهر: لايعتبر الدوام عليها بمثابة إنشائها.