فإذا أذن المجني عليه للمستكره بقطع يده أو قتله، فلا يباح له الفعل؛ لأن هذه الجنايات لا تباح بالإذن. فإن تم القطع في هذه الحالة، فلا ضمان على أحد، لوجود الإذن من جهة المجني عليه، وأما في القتل فلا عبرة بالإذن، وتجب حينئذ الدية على المكره، كما في ظاهر الرواية. وفي رواية: لا تجب (١).
٢ً ـ الإكراه على الزنا: الإكراه على الزنا إما أن يقع على المرأة أو على الرجل.
ف إذا أكرهت المرأة على الزنا: فلا يقام عليها الحد عند جمهور الفقهاء، سواء أكان الإكراه تاماً أم ناقصاً، لقوله تعالى:{ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}[النور:٣٣/ ٢٤] فدلت الآية على انتفاء الإثم عن المرأة المكرهة على الزنا، وإذا انتفى الإثم عنها ارتفع الحد.
وإذا أكره الرجل على الزنا إكراهاً تاماً أو ناقصاً، فالمختار عند الحنابلة وجوب الحد عليه؛ لأن الزنا لا يتحقق إلا بانتشار العضو، والانتشار لا يكون مع الخوف، فحيث يوجد الانتشار، توجد الطواعية في الفعل، فيكون المستكره على الزنا إذا حدث منه طائعاً، فيجب عليه الحد.
والواقع أن الانتشار طبيعي ليس دليلاً على الاختيار؛ لأن الانتشار الطبيعي عند مقابلة المرأة، ولذا يحدث للنائم ولا اختيار له.
وقال الشافعية في المعتمد عندهم: لا يجب الحد على المستكره على الزنا سواء أكان الإكراه تاماً أم ناقصاً؛ لأن الإكراه أياً كان نوعه يورث شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات.
(١) البدائع: ١٨٠/ ٧، مجمع الضمانات: ص ٢٠٤ - ٢٠٥، اللباب شرح الكتاب: ١١٢/ ٤، مختصر الطحاوي: ص ٤٠٩ ومابعدها.