للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحس أبو بكر بدنو أجله، طلب من الناس أن يؤمّروا عليهم واحداً في حال حياته، حتى لا يختلفوا بعده، خشية على المسلمين من التفرق بعد أن بدؤوا الحرب مع فارس والروم، فردوا الأمر إليه في أن يختار لهم من يرى فيه الخير ولهم وللدين. فاستمهل ثم بدأ مشاوراته مع كبار الصحابة وأهل الرأي، سائلاً الواحد تلو الآخر في ترشيح عمر، وكان من أشهر من استدعاهم عثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد وأسيد بن الخضير وغيرهم من المهاجرين والأنصار، فأثنوا عليه خيراً، وتخوف بعضهم وهو ابن عوف من شدته (غلظته)، فأجابه أبو بكر بقوله: ذلك لأنه يراني رقيقاً، ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيراً مما هو عليه. وبعد أن أتم أبو بكر مشاوراته، أملى على عثمان عهده إلى المسلمين، ثم أشرف على الناس وزوجته أسماء بنت عميس تمسكه، فقال: أترضون بمن استخلفت عليكم، فإني والله ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة؟! وإني قد استخلفت عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، فقالوا: سمعنا وأطعنا.

ثم أمر أبو بكر عثمان بتبليغ الناس وأخذ البيعة، فذهب ومعه عمر وأسيد بن سعيد القرظي، فقال عثمان للناس: أتبايعون لمن في هذا الكتاب (أي لعمر)؟ فقالوا: نعم. وبعد تمام البيعة بايعه أبو بكر معلناً أنه لم يرد إلا صلاح المسلمين وإبعادهم عن الفتنة، وأوصاه بما هو خير (١).

[٣ - عثمان بن عفان]

يبدو لنا في صورة اختيار عثمان مظهر الشورى بشكل أوضح، إذ أن عمر رضي الله عنه وهو صحيح حدد لجنة الشورى في ستة: وهم (٢) علي والزبير بن


(١) راجع طبقات ابن سعد: ١٢٢/ ٣، ٢٠٠، تاريخ الطبري: ٥١/ ٤ - ٥٤.
(٢) تاريخ الإسلام السياسي للدكتور حسن إبراهيم: ٢٥٤/ ١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>