للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن القسامة ثبتت بحديث خاص، فلا يترك العمل بها من أجل الدليل العام، فتكون مخصصة له، لما فيها من حفظ الدماء، وزجر المعتدين، وتعذر قيام الشهادة على القتل حيث يرتكبه القاتل غالباً في الخفاء، وأما دعوى أن النبي قال ذلك للتلطف بهم في بيان بطلانها، فمردود، لثبوتها في أحاديث ووقائع أخرى، منها حديث أبي سلمة المتقدم الذي أقر به النبي صلّى الله عليه وسلم القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية.

المطلب الرابع ـ محل القسامة ومتى تكون؟ لا تكون القسامة إلا في جريمة القتل فقط أياً كان نوع القتل عمداً أو خطأ أو شبه عمد، دون بقية الاعتداءات على النفس من قطع أو جرح أو تعطيل منفعة عضو؛ لأن النص ورد في القتل، فيقتصر في القسامة على محل ورودها، وعلى هذا تثبت الجراح بالاعتراف والشهادة، ولا قسامة في الجراح.

كما لا تكون عند الحنفية (١) إلا إذا كان القاتل مجهولاً، فإن كان معلوماً فلا قسامة، ويجب حينئذ القصاص أو الدية.

ولا تكون القسامة عند الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) (٢) إلا إذا كان هناك لوث (أو لطخ، أو شبهة) ولم توجد بينة للمدعي في تعيين القاتل، ولا إقرار.


(١) البدائع: ٢٨٨/ ٧، تكملة فتح القدير: ٣٨٣/ ٨، تبيين الحقائق: ١٦٩/ ٦.
(٢) الشرح الكبير للدردير: ٢٨٧/ ٤، بداية المجتهد: ٤٢٢/ ٢، مغني المحتاج: ١١١/ ٤ ومابعدها، نهاية المحتاج: ١٠٥/ ٧، المهذب: ٣١٨/ ٢ ومابعده، المغني: ٦٨/ ٨، كشاف القناع: ٦٨/ ٦، القوانين الفقهية: ص ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>