للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو عين المحلوف عليه، فقال: (والله لا أدخل هذه الدار) فذهب بناؤها بعد يمينه، ثم دخلها، يحنث.

والفرق بين الصورتين: هو أنه إذا ذكر الحالف لفظ الدار منكَّراً، فإن النكرة تنصرف إلى المتعارف، وهي الدار المبنية، فما لم يوجد البناء وهو وصف الدار لا يحنث، وأما إذا قال: (هذه الدار) فهو إشارة إلى الشيء المعين الحاضر، فيراعى ذات المعين، لا صفته؛ لأن الوصف للتعريف، والإشارة كافية للتعريف، وذات الدار قائمة بعد الانهدام؛ لأن الدار في اللغة اسم للعَرْصة يقال: دار عامرة ودار غير عامرة، وقد شهدت أشعار العرب بذلك، والعرصة قائمة بعد انهدام الدار.

ولو أعيد البناء فدخلها يحنث سواء ذكر الدار منكراً أو معيناً (١).

وقال الشافعية والمالكية: إن حلف لا يدخل هذه الدار فانهدمت، وصارت ساحة، أو جعلت حانوتاً أو بستاناً أومسجداً أو حماماً، فدخلها، لم يحنث، لأنه زال عنها اسم الدار. ثم إن أعيدت بغير تلك الآلة أي بأدوات بناء جديدة من حجارة واسمنت ونحوها لم يحنث بدخولها، لأنها غير تلك الدار. وإن أعيدت بآلتها الأولى ففيه وجهان: أحدهما وهو الأصح: يحنث، والآخر: لا يحنث (٢).

الحلف على عدم دخول مسجد: لو قال شخص: (لا أدخل هذا المسجد) فهدم فصار صحراء ثم دخله، فإنه يحنث لأنه مسجد، وإن لم يكن مبنياً. وإذا دخل سطح المسجد يحنث، لأنه مسجد.


(١) البدائع، المرجع السابق: ص ٣٧، الدر المختار: ٣ ص ٨١، فتح القدير: ٤ ص ٣٠ - ٣٢ قال الشاعر:
الدار دار وإن زالت حوائطها والبيت ليس ببيت بعد تهديم
(٢) المهذب: ٢ ص ١٣٢، مغني المحتاج: ٤ ص ٣٣٢، الشرح الكبير للدردير: ٢ ص ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>