الأمر فألزمه بدية الجنين، قيل: على عاقلة ولي الأمر. وقيل: إنها تكون في بيت المال.
وأما عند أبي حنيفة ومالك وأحمد، فلا ضمان مطلقاً، فمن حده الإمام أو عزره فمات من ذلك، فدمه هدر؛ لأن الإمام في الحالتين مأمور بالحد والتعزير، وفعل المأمور لا يتقيد بشرط السلامة (١).
السياسة العقابية في الإسلام وأثرها الإصلاحي في المجتمع تمهيد:
إن نظام الشريعة في تبيان الحرام والمحظور، وفي الحملة الشديدة على مرتكبي المنكرات والفواحش في القرآن والسنة، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتأييد الأحكام الأصلية بالمؤيدات المدنية كالبطلان والفساد في العقود والمعاملات، والجزائية كالحدود والتعزيرات من توبيخ وحبس وضرب غير مهين ولا مشين، إن ذلك كله ساهم مساهمة بناءة في إقامة المجتمع الإسلامي النظيف الذي تقل فيه الجرائم، ويمتنع فيه إلى حد كبير شيوع الكبائر.
وقد أكد سلامة هذا النظام وكفاءته واقع الأمة الإسلامية في عصورها المتلاحقة بنحو إجمالي لا تفصيلي، فإنها بالمقارنة مع الأمم الأخرى والدول المتحضرة المعاصرة التي تقع فيها جريمة أو جريمتان كل ثانية، تعد أقل الأمم نزعة إلى الإجرام، والنسبة الإجرامية فيها أقل النسب إحصائياً، ما دامت متمسكة بدينها،
(١) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي: ٣٥٥/ ٤، رد المحتار لابن عابدين: ١٩٦/ ٣ وراجع رسالة التعزير: ص ٥١ ومابعدها.