مسلم، فلو لم تقبل شهادتهم عند ترافعهم وتحاكمهم إلينا، لأدى ذلك إلى تظالمهم وضياع حقوقهم. وللواحد منهم أن يزوج ابنته وأخته، ويلي مال ولده، وقد أجاز الله شهادة الكفار على المسلمين في السفر في الوصية للحاجة، وحاجتهم إلى قبول شهادة بعضهم على بعض أعظم بكثير من حاجة المسلمين إلى قبول شهادتهم عليهم.
والكافر قد يكون عدلاً في دينه بين قومه، صادق اللهجة عندهم، فلا يمنعه كفره من قبول شهادته عليهم إذا ارتضوه. وقد أباح الله معاملتهم، وأكل طعامهم، وحِلَّ نسائهم، وذلك يستلزم الرجوع إلى أخبارهم قطعاً، فإذا جاز لنا الاعتماد على خبرهم في أمر الحلال والحرام، فلأن نرجع إلى أخبارهم في معاملاتهم أولى وأحرى.
وأما رفض قبول شهادة الحربي على الذمي أو على الحربي من دار أخرى، فلانقطاع الولاية بينهما.
٢ً - وقال الجمهور غير الحنفية: لا تقبل شهادة غير المسلمين مطلقاً، سواء اختلفت مللهم أم اتفقت. ونقل ابن القيم عن مالك: أنه تجوز شهادة الطبيب الكافر حتى على المسلم للحاجة. واستدلوا بأوجه هي:
الأول ـ اشترط الله تعالى العدالة لقبول الشهادة في قوله:{وأشهدوا ذوي عدل منكم}[الطلاق:٢/ ٦٥] وغير المسلم ليس بعدل، واشترط أن يكون الشهود من المسلمين، في قوله:{منكم}[الطلاق:٢/ ٦٥] وفي قوله: {ممن ترضون من الشهداء}[البقرة:٢٨٢/ ٢] وقوله: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم}[البقرة:٢٨٢/ ٢] وآيات كثيرة أخرى. وغير المسلم ليس منا ولا من رجالنا ولا من المرضيين عندنا.