للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة: لو ادهن بدهن مطيب كدهن البنفسج والورد والزئبق، فعليه دم إذا بلغ عضواً كاملاً، وكذا لو ادهن بغير مطيب كالزيت والشيرج.

وضابط حرمة الطيب عند الحنفية: هو مس الطيب بحيث يلزَق شيء منه بثوبه أو بدنه كاستعمال ماء الورد والمسك وغيرهما.

ولابأس عند الحنفية أن يغتسل المحرم ويدخل الحمام لأنه طهارة، فلا يمنع منها، وله أن يكتحل؛ لأن الكحل ليس له رائحة طيبة، فلا يكون طيباً، ولكن لا يغسل رأسه ولا لحيته بالخِطمي؛ لأنه نوع طيب، ولأنه يقتل هوام الرأس.

وضابط حرمة الطيب عند المالكية كالحنفية: هو مس الطيب، ويكره شمه بلا مسّ له ولا يدهن مطلقاً بطيب لغير علة، وإلا جاز؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، ولابدهن غير مطيب، ولا يكتحل إلا من ضرورة، فيكتحل بما لا طيب فيه، ولا يأكل طعاماً فيه طيب لم تمسه النار، ولا يصحب طيباً فيكره، ولا يستديم شمه فيكره. ولا يدخل الحمام للتنظيف، ويجوز للتبرد أو الجنابة، وعليه الفدية ك الشافعية وأبي حنيفة بدهن شيء من جسده أو شعره بدهن ولو بغير مطيب لغير ضرورة كعلة مرضية، فإن وجدت علة جاز الادهان ببطن كف أو بطن رجل ولا فدية اتفاقاً، وهناك قولان بالفدية وعدمها في دهن ظاهر الجسد (١).

ورأي الشافعية كالحنفية والمالكية في الاستعمال المحرم للطيب: وهو أن يلصق الطيب ببدنه أو ثوبه على الوجه المعتاد في ذلك الطيب، فلو طيب جزءاً من بدنه بمسك أو نحوه لزمته الفدية، سواء في ظاهر البدن أو باطنه، بأن أكله أو احتقن به أو استعط. ولا يحرم أن يجلس في حانوت عطار أو موضع يبخر أو عند


(١) الشرح الكبير: ٥٩/ ٢ - ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>