أولاً ـ الاشتراك في أعمال جميع المباحات التي تملك بالأخذ، مثل الاصطياد والاحتطاب والاحتشاش، والاستقاء، واجتناء الثمر، وحفر الأرض لاستخراج المعادن.
فإن اشترك اثنان في تلك الأعمال على أن ما أصابا من المباح فهو بينهما، فالشركة فاسدة عند الحنفية، ولكل واحد منهما ما أخذه؛ لأن الشركة تتضمن معنى الوكالة، والتوكيل في أخذ المال المباح باطل؛ لأن أمر الموكل بأخذه غير صحيح، لعدم ملكه وولايته، والوكيل يملك أخذ المباح بدون توكيل، فلا يصلح الوكيل نائباً عن الموكل في المباح؛ لأن التوكيل إثبات ولاية لم تكن ثابتة للوكيل، وهذا غير متحقق ههنا، فإذا لم تثبت الوكالة لم تثبت الشركة.
وإذا كانت الشركة في المباحات فاسدة، فيثبت الملك لكل واحد منهما بالأخذ، وإحراز المباح، ثم ينظر:
آـ إن أخذاه جميعاً معاً، فهو بينهما نصفان، لاستوائهما في سبب الاستحقاق، فيستويان في الاستحقاق.
ب ـ وإن أخذ كل واحد منهما شيئاً من المذكور على الانفراد، كان المأخوذ ملكاً له؛ لأن سبب ثبوت الملك في المباحات هو الأخذ والاستيلاء، وكل واحد منهما انفرد بالأخذ والاستيلاء فينفرد بالملك.
جـ ـ وإن أخذ كل واحد منهما شيئاً على الانفراد، ثم خلطاه، وباعاه: فإن كان مما يكال أو يوزن يقسم الثمن بينهما على قدر الكيل والوزن الذي لكل واحد منهما. وإن كان مما لا يكال ولا يوزن، قسم الثمن بينهما بالقيمة، فيأخذ كل واحد منهما بقيمة الذي له؛ لأن المكيل والموزون من الأشياء المتماثلة، فتمكن قسمة الثمن بينهما على قدر الكيل والوزن، أما غير المكيل والموزون من الأشياء المتفاوتة، فلا تمكن قسمة الثمن بينهما بحسب العين، فيقسم بحسب القيمة.