المحرم ولا يُنكح، فإن فعل فالنكاح باطل. وقال أبو حنيفة: لا بأس بذلك، لتعارض حديثين: حديث ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو محرم، وحديث ميمونة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال. وإذا قلنا: تعارض الفعل فسقط الاستدلال به، فيرجح القول، وهو حديث «لا ينكح المحرم ولا ينكح».
١٠ ـ وأما مانع المرض: فقال مالك في المشهور عنه: لا يجوز نكاح المريض مرض الموت، وقال الجمهور: إنه يجوز، وسبب اختلافهم تردد النكاح بين البيع وبين الهبة؛ لأنه لا تجوز هبة المريض إلا من الثلث، ويجوز بيعه. ولاختلافهم أيضاً سبب آخر: وهل هو يتهم في إضرار الورثة بإدخال وارث زائد، أو لا يتهم؟
١١ - وأما مانع العدة: فاتفقوا على أن النكاح لا يجوز في العدة، سواء أكانت عدة حيض أم عدة حمل، أم عدة أشهر، وسواء من نكاح أم شبهة نكاح. واختلفوا فيمن تزوج امرأة في عدتها ودخل بها، فقال مالك والأوزاعي والليث: يفرق بينهما، ولا تحل له أبداً، وقال أبو حنيفة والشافعي والثوري وأحمد: يفرق بينهما، وإذا انقضت العدة، فلا بأس في تزوجه إياها مرة ثانية. وسبب اختلافهم اختلاف أقوال الصحابة، فالفريق الأول أخذ بقول عمر رضي الله عنه حينما فرق بين طليحة الأسدية وبين زوجها راشد الثقفي، لما تزوجها في العدة من زوج ثان، وقال:«أيما امرأة نكحت في عدتها، فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرِّق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم كان الآخر خاطباً من الخطاب، وإن كان دخل بها، فرِّق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر، ثم لا يجتمعان أبداً».
واحتج الفريق الثاني بقول علي وابن مسعود رضي الله عنهما، خلافاً لرأي عمر رضي الله عنه، فلم يقضيا بتحريمها عليه.