وقال الشافعية: لا قضاء على المحصر المتطوع إن تحلل من إحصار عام أو خاص، لعدم وروده، وقد أحصر مع النبي صلّى الله عليه وسلم في الحديبية ألف وأربع مئة، ولم يعتمر معه في العام القابل إلا نفر يسير، أكثر ما قيل: إنهم سبع مئة.
وإن لم يكن تطوعاً نظر: إن كان نسكه فرضاً مستقراً عليه، كحجة الإسلام فيما بعد السنة الأولى من سني الإمكان، أو كانت قضاء أو نذراً، بقي في ذمته، كما لو شرع في صلاة فرض ولم يتمها، فإنها تبقى في ذمته. وإن كان غير مستقر كحجة الإسلام في السنة الأولى من سني الإمكان، اعتبرت الاستطاعة بعد زوال الإحصار، إن وجدت وجب الحج، وإلا فلا.
وكذلك قال الحنابلة في الصحيح من المذهب: لا قضاء على المحصر إن تحلل ولم يجد طريقاً أخرى إلا أن يكون واجباً، يفعله بالوجوب السابق؛ لأنه تطوع جاز التحلل منه مع صلاح الوقت له، فلم يجب قضاؤه، كما لو دخل في الصوم يعتقد أنه واجب، فلم يكن. وأما خبر قضاء العمرة الذي احتج به الحنفية، فلم ينقل إلينا أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر أحداً بالقضاء، والذين اعتمروا مع النبي صلّى الله عليه وسلم كانوا نفراً يسيراً، كما تقدم في مذهب الشافعية.
والخلاصة: إن الحنفية يوجبون القضاء، والجمهور لايوجبونه.
ثالثاً - زوال الإحصار:
قال الحنفية: إذا زال الإحصار قبل التحلل، فإن قدر على إدراك الهدي الذي بعثه، ليذبح في الحرم، وعلى الحج، لم يجز له التحلل، ولزمه المضي، لزوال العجز قبل حصول المقصود بالخلف، ويفعل بهديه مايشاء؛ لأنه ملكه، وقد كان مخصصاً لمقصود استغنى عنه.