قسمة بعضها في مقابلة بعض، لم يجبر الآخر؛ لأن كل عين منها تختص باسم وصورة. وهي تشبه قسمة الرد عند الشافعية، بدليل أن الحنابلة قالوا: كل ما لا يمكن قَسْمه بالأجزاء، أو التعديل، لا يقسم بغير رضا الشركاء كلهم. وحكم قسمة التراضي كالبيع، أي كما قال الشافعية؛ لأن صاحب الزائد بذل المال عوضاً عما حصل له من حق شريكه، وهذا هو البيع، والبيع محصور فيما يقابل الرد (أي العوض الذي رد من أحدهما على الآخر) وإفراز في الباقي، كما تبين في صفة القسمة. وإذا كانت هذه القسمة بيعاً، فلا يجوز فيها ما لا يجوز في البيع، ولا يجبر عليها الممتنع منها، لحديث ابن عباس مرفوعاً:«لا ضرر ولا ضرار»(١).
٢ - وقسمة الإجبار: ما لا ضرر فيها على الشريكين، ولا على أحدهما، ولا رد عوض، كأرض واسعة وقريبة، وبستان ودار كبيرة، ودكان واسع ونحوها، سواء أكانت متساوية الأجزاء أم لا.
وتحدث إن أمكن قسمتها بتعديل السهام من غير شيء يجعل معها، فإن لم يمكن تعديل السهام إلا بجعل شيء معها، فلا إجبار، لأنه معاوضة، فلا يجبر عليها من امتنع منها، كسائر المعاوضات.
ومن أمثلتها: قسمة مكيل أو موزون من جنس واحد، كدهن من زيت وسيرج وغيرهما، ولبن ودبس وخل وتمر وعنب ونحوهما، وسائر الحبوب والثمار المكيلة. وإذا طلب أحد الشركاء القسمة في المذكورات وأبى الشريك الآخر، أجبر الممتنع، ولو كان ولياً على صاحب الحصة؛ لأنه يتضمن إزالة الضرر
(١) رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني، قال النووي: حديث حسن، وله طرق يقوي بعضها بعضاً.