ولو قال:(والله لا أكلمك يوماً ولا يومين)، فهو مثل قوله: والله لا أكلمك ثلاثة أيام في قول أبي حنيفة ومحمد، وفي رواية عن أبي يوسف. وذكر محمد في الجامع الصغير أنه يقع على يومين. ودليله: أن كل واحد منهما يمين منفردة، فصار لكل يمين مدة على حدة، وبذلك أصبح على اليوم الأول يمينان، وعلى اليوم الثاني يمين واحدة.
ودليل الرأي الأول: أن الحالف عطف اليومين على اليوم، والمعطوف غير المعطوف عليه، فاقتضى يومين آخرين غير الأول (١).
وأما المبهم: فنحو أن يحلف ألا يكلم فلاناً زمناً أو حيناً أو الزمان أو الحين: فإنه يقع على ستة أشهر؛ لأن الحين يستعمل، ويراد به الوقت القصير: قال الله تعالى: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون}[الروم:١٧/ ٣٠] وقد يراد به الوقت الطويل، وهو أربعون سنة، قال تعالى:{هل أتى على الإنسان حين من الدهر}[الإنسان:١/ ٧٦] وقد يراد به الوقت الوسط: وهو ستة أشهر، قال تعالى:{تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها}[إبراهيم:٢٥/ ١٤] قيل: أي ستة أشهر، فحمل على الوسط، لأنا لا نعلم أنه يريد القليل أو الكثير.
ولو قال:(لا أكلمه دهراً أو الدهر) فقال أبو حنيفة: إن كانت له نية فهو على ما نوى، وإن لم تكن له نية، فلا أدري ما الدهر.
وقال الصاحبان: إذا قال: دهراً أي (منكَّراً) فهو ستة أشهر، وإذا قال: الدهر أي (معرفاً) فهو على الأبد.
(١) البدائع، المرجع السابق: ص ٤٨ وما بعدها، تبين الحقائق، المرجع السابق.