للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه شيئاً» أو إن النهي عن كراء الأرض محمول على ما إذا كانت الأجرة مجهولة أو مضمونة من إنتاج مكان معين من الأرض، مثل اشتراط صاحب الأرض ناحية منها، أو اشتراط ماينبت على حفة النهر لصاحب الأرض، لما فيه من الغرر والجهالة. فدل ذلك على أن الأحاديث التي تمنع من كراء الأرض محمولة على الندب والاستحباب، والأفضل بذلها مجاناً للفلاحين والعمال، بدليل إجماع الصحابة على أن الإجارة جائزة، ولاتجب الإعارة بالإجماع.

[المبحث الخامس - الأجر في الإسلام]

الإجارة نوعان: إجارة على المنافع بأن يكون المعقود عليه هو المنفعة، وإجارة على الأعمال بأن يكون المعقود عليه هو العمل. ومثال النوع الأول: إجارة العقارات والدور والمنازل والحوانيت والضياع، والدواب للركوب والحمل، والثياب والحلي للبس، والأواني والظروف للاستعمال، ونحو ذلك بشرط أن تكون المنافع مباحة، فإن كانت محرمة كالميتة والدم وأجر النوائح وأجر المغنيات فلا تصح الإجارة عليها. ومثال النوع الثاني: وهي التي تعقد على عمل معلوم: الاستئجار من أجل البناء والخياطة والحمل إلى موضع معين وصباغة ثوب وإصلاح حذاء، ونحو ذلك من كل مايباح الاستئجار عليه، روي عن رافع بن رفاعة، قال: «نهانا النبي صلّى الله عليه وسلم عن كسب الأمة إلا ماعملت بيديها، وقال: هكذا بأصابعه نحو الخبز والغزل والنفش» (١) أي عجن العجين وخبزه، وغزل الصوف والقطن والكتان والشعر، أو نفشه وندفه، وفي رواية (النقش) وهو التطريز.

والإجارة بنوعيها مشروعة مباحة بالقرآن والسنة والإجماع، قال الله تعالى:


(١) أخرجه أحمد وأبو داود (نيل الأوطار ٢٨٢/ ٥ ومابعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>