للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} [الطلاق:٦/ ٦٥]، {يا أبت استأجره، إن خير من استأجرت القوي الأمين} [القصص:٢٦/ ٢٨] وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» (١)، «من استأجر أجيراً فليسمّ له أجرته» (٢). وأجمعت الأمة في زمن الصحابة على جواز الإجارة، لحاجة الناس إلى المنافع مثل حاجتهم إلى أعيان الأشياء.

لكن أحاط الشرع حق الأجير بضمانات متعددة: وهي الرضا، والعدالة أو الكفاءة، والعرف. فينبغي أن يكون الأجر عادلاً متمشياً مع العرف السائد ومراعى فيه نوع الخبرة، ومعتمداً في التقدير على الحرية والرضا والطواعية، فلا يجوز الإكراه على العمل، ولا إلحاق الظلم بالأجير، ولا منعه حقه أو المماطلة في أدائه، أو استيفاء منفعة منه بغير عوض، إذ إن من استخدم عاملاً بغير أجرة فكأنه استعبده، كما قال فقهاء الإسلام أخذاً من حديث نبوي اعتبر آكل جهد العامل بمثابة من باع حراً وأكل ثمنه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «قال الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً وأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره» (٣) قال ابن التين: هو سبحانه وتعالى خصم لجميع الظالمين، إلا أنه أراد التشديد على هؤلاء بالتصريح. وأكد النبي صلّى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى على ضرورة إيفاء حق العامل، كما ذكرت، وكما في قوله: «ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله» (٤).


(١) أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر، وأبو يعلى عن أبي هريرة، والطبراني في الأوسط عن جابر، والحكيم الترمذي عن أنس، وهو ضعيف.
(٢) أخرجه البيهقي وعبد الرزاق وإسحاق في مسنده وأبو داود في المراسيل والنسائي في الزراعة غير مرفوع بهذا اللفظ عند بعضهم. وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره» (نيل الأوطار: ٢٩٢/ ٥، ٢٩٣).
(٣) أخرجه أحمد والبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، (نيل الأوطار: ٢٩٥/ ٥).
(٤) أخرجه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه (نيل الأوطار: ٢٩٥/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>