للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عضل الولي تنتقل الولاية عند الإمام أحمد إلى الأبعد؛ لأنه تعذر التزويج من جهة الأقرب، فملكه الأبعد، كما لو جن، ولأنه يفسق بالعضل ـ كما سبق ـ فتنتقل الولاية عنه، كما لو شرب الخمر. فإن عضل الأولياء كلهم، زوج الحاكم. وقال الحنفية والمالكية والشافعية، وفي رواية عن أحمد: إذا عضل الولي ولو كان مجبراً، تنتقل الولاية للسلطان، أي القاضي الآن، ولا تنتقل للأبعد، للحديث السابق: «فإذا اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له»، ولأنه بالعضل خرج من أن يكون ولياً، ويصبح ظالماً، ورفع الظلم موكول للقاضي.

تاسعاً ـ غيبة الولي وأسره أو فقده: للفقهاء آراء ثلاثة في غيبة الولي: رأي الحنفية والحنابلة، ورأي المالكية، ورأي الشافعية (١): أما رأي الحنفية والحنابلة: فهو إن غاب الولي غيبة منقطعة، ولم يوكل من يزوج، تنتقل الولاية لمن هو أبعد منه من العصبات، فلوغاب الأب فللجد تزويج المرأة، دون الحاكم، للحديث المتقدم: «السلطان ولي من لا ولي له» وهذه المرأة لها ولي، ولأن هذه ولاية تحتاج إلى نظر وتقدير مصلحة، وليس من النظر التفويض إلى من لا ينتفع برأيه، ففوض النظر إلى الأبعد، وهو مقدم على السلطان، كما إذا مات الأقرب.

وأخذ القانون السوري (م ٢٣) بهذا الرأي، فنص على أنه: إذا غاب الولي الأقرب، ورأى القاضي أن في انتظار رأيه فوات مصلحة في الزواج، انتقلت الولاية إلى من يليه.


(١) فتح القدير: ٤١٥/ ٢ ومابعدها، الشرح الكبير: ٢٢٩/ ٢ وما بعدها، مغني المحتاج: ١٥٧/ ٣، المغني: ٤٧٨/ ٦ وما بعدها، كشاف القناع: ٥٧/ ٥، القوانين الفقهية: ص٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>